أعرب الاتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة في لبنان (اوسيب لبنان) عن قلقه حيال وضع الحريات الاعلامية التي آل اليها وطننا الصغير لبنان، كما حيال رسالته الحضارية التي ميزته دومًا في محيطه العربي وجعلته نموذجًا في التعايش الحضاري وفي التسامح.
ففي مناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة والمتزامن مع يوم شهداء الصحافة أصدر الاتحاد بيانا جاء فيه:
“يضمّ اوسيب لبنان صوته في هذه المناسبة الى صوت جميع اهل الاعلام والثقافة من اجل تجديد التحية الى قوافل شهداء الصحافة الذين قدّموا دماءهم في سبيل حرية الفكر والضمير خلال القرنين الماضيين في ظل الحكم العثماني، ومن بعده الانتدابي ومن ثم الاستقلالي، وصولًا الى زمن الاحتلالات والاحداث الاخيرة المتواصلة التي ارهقت ولا تزال كاهل ابناء الوطن، مهددة اياه بالزوال، ما لم يعد حكامه واحزابه الممسكين بزمام السلطة الى رشدهم وتحكيم ضمائرهم بتغليب المصلحة الوطنية العليا والعامة على مصالحهم الخاصة.
ويأسف الاتحاد لتراجع حرية الاعلام والتعبير في لبنان كما تبيّن دراسات ميدانية، كما يأسف للاستدعاءات التي تحصل بحق اعلاميين وناشطين على مواقع التواصل. إن هذه الامور تحرم لبنان من نشاط نقّاده ومفكّريه وشبابه وتؤدي الى تراجع الممارسة الديمقراطية فيه.
ويعرب الاتحاد عن اسفه لحجب حرية التعبير احيانًا كثيرة عن الحكماء والمفكرين والمسالمين الذين يعملون على تعزيز روح الحوار والديمقراطية السليمة والعيش معا فوق كل الانغلاقات الطائفية، كما يعبّر عن اسفه لاعطاء مساحات واسعة من التعبير الى متطرفين يستوحون افكارهم وسياساتهم من منابع غريبة عن قيمنا ومجتمعنا ولم تعد صالحة لمثل هذا العصر. وهو يتمنّى اجماعًا من جانب الاعلام اللبناني على تشجيع قيم السلم الاهلي ونبذ العنف وتشكيل أرضية حوار يلتقي عليها اللبنانيون على مختلف تياراتهم وانتماءاتهم وتؤكد دوما على “لبنان الرسالة”.
ان التحديات التي املتها جائحة كورونا على العالم كله اكدت اكثر من اي مرة اخرى في الزمن المعاصر على الدور الحاسم لوسائل الاعلام والاتصال الحديثة وبخاصة لجهة ضرورة تقديم المعلومات الموثوقة والمتحقق منها من اجل توفير العلاجات السليمة، بقدر تأكيدها على اهمية دور الاعلاميين والمعلمين في توفير المعلومات الصحيحة، كما في التصدي للمغالطات والاخطاء الخطيرة. لذلك كان من الضروري تشجيع وسائل الاعلام والاتصال لجعلها وسائل ذات منفعة عامة تسهم في عملية التطور والترقي الانساني بتعزيز ثقافة الحياة بدلا من ثقافة الموت وثقافة الحوار الحضاري والانساني الحقيقي بدلا من ثقافة التعمية والارهاب والتفرقة.
يذكر الاتحاد أن لا قيمة لأي اعلام ما لم تكن أهدافه خدمة الوطن والشعب، فالمصلحة العامة تعلو على أي مصلحة خاصة. لذلك وجب العمل كيلا تكون وسائل الاعلام والاتصال في خدمة السوق او أفراد أو مصالح مادية وسياسية اكثر من ان تكون في خدمة الانسان، وفي خدمة الوطن.
وفي مناسبة اليوم العالمي لوسائل الاعلام الذي تحييه الكنيسة بعد ايام لا يسعنا الّا ان نذكّر بأهمّ ما ورد في رسالة الحبر الاعظم الخاصة بالمناسبة حول دور وسائل الاعلام ورسالة الاعلاميين: “علّمنا يا ربّ أن نخرج من أنفسنا وأن ننطلق في البحث عن الحقيقة. علّمنا أن نذهب ونرى، علّمنا أن نصغي، أن نأخذ الوقت الكافي لنفهم، وأن نميّز المظهر المخادع عن الحقيقة (…) واذا لم ننفتح على اللقاء فإننا نبقى مجرد متفرجين خارجيين على الرغم من كل الابتكارات التكنولوجية التي لديها القدرة على وضعنا امام الواقع المعزز الذي يبدو لنا اننا منغمسون فيه (…) ان وسائل الاعلام تكون مفيدة اذا عرفنا ان نستعملها في كشف الحقيقة وثم وضعها في خدمة الانسان كل انسان”.