جاء في المركزية:
وضعت زيارة رئيس الدبلوماسية الفرنسية جان ايف لودريان الى بيروت الحد الفاصل بين مرحلتي الحث على تنفيذ المبادرة الانقاذية انطلاقا من تشكيل الحكومة والشروع في الاجراءات العقابية ضد كل من يعرقل مسار التأليف. وما بينهما، تركت هامشا محدودا لواحد من خيارين، ايجاد بديل عن الرئيس المكلف سعد الحريري، بعدما تولّدت قناعة بأن المشكلة مرتبطة بشخصه الذي يرفضه الرئيس ميشال عون وفريقه السياسي، او ترتيب العلاقة بين الرجلين بما يعيد انتاج تسوية سياسية جديدة على غرار التسوية الرئاسية التي اوصلت عون الى بعبدا والحريري الى السراي في بداية العهد.
لودريان غادر بهدوء، فالكلمة لم تعد ذات أهمية في واقع شديد التعقيد يتطلب اجراءات عملية ردعية توائم وضع البلاد المنهار، وفي مطلق الاحوال وإن كان من موقف فسيصدر حتما من فرنسا، الدولة التي تضررت هيبتها ودورها وأصيبت في الصميم برصاصات المسؤولين اللبنانيين، وبات واجبا بالتالي البحث عن رد اعتبار بحجم الاصابة، وفي هذه الحال ليس في الافق ما يفوق فرض العقوبات على هؤلاء، حتى ولو ان نتائجها قد لا تؤدي الى الافراج عن حكومة لبنان المخطوفة غير انها لا بدّ ستخلق دينامية جديدة على الساحة.
تقول مصادر سياسية مطلعة لـ”المركزية” ان زيارة لودريان، قلصت نسبة اقدام الرئيس الحريري على الاعتذار التي بلغت أوجها قبل محطة المسؤول الفرنسي، غير انها تبقى واردة إن لم يحصل ما يخرق ستاتيكو الجمود. والسؤال الذي يطرح نفسه والحال هذه، الى اين قد يذهب الحريري في اعتذاره وما هي حدوده؟ هل يقف عنده ام يتوغّل اكثر في اتجاه المعارضة؟ هل يعيد النبض الى فريق 14 اذار فيجتمع مجددا مع القوى السيادية، لا سيما القوات اللبنانية والحزب الاشتراكي، ليفتحوا معا باب الاستقالة من المجلس النيابي، المطلب المزمن لحليف الامس القواتي كإطار حل لاحداث التغيير المنشود شعبيا؟
في انتظار الخطوة إن اقدم عليها الرئيس المُكلف، تعرب المصادر عن اعتقادها بأن قلب الطاولة البرلمانية ليس بالأمر السهل على زعيم المستقبل لاكثر من اعتبار، فهو يسدد بذلك ضربة قاسية لحليفه الداعم الاقوى لترؤسه الحكومة الرئيس نبيه بري ما دام رئيسا للمجلس النيابي، فالاستقالة بالنسبة اليه خط أحمر ممنوع تجاوزه بقرار من “الثنائي الشيعي” الذي يملك الغالبية النيابية وليس في وارد التنازل عنها بأي شكل.
ولا تقف اعتبارات الحريري هنا، اذ ثمة اعتبار آخر يضعه في حساباته. ذلك ان نتائج الانتخابات النيابية المبكرة، ان خاض غمارها، لن تكون لمصلحة التيار الازرق الذي تهاوت شعبيته بعد 17 تشرين، كما سائر القوى السياسية ضمن معادلة “كلن يعني كلن”، ولن يقدم، بحسب المصادر، على مغامرة غير محسوبة النتائج في هذه المرحلة.
تبعا لذلك، تختم المصادر، لا بدّ ان الحريري سيقبع في مربع الانتظار لفترة، قبل اتخاذ اي خطوة ترتدّ عليه سلباً، علّ في التروي السلامة.