كتب أسامة القادري في “نداء الوطن”:
بلغت مشكلة نفوق أسماك الكارب حدها الاقصى، من دون أن تحدد الأسباب المقنعة والموجبة لمعرفة ما الذي يهدد الثروة السمكية في بحيرة القرعون في البقاع الغربي، وذلك لعدم وجود مختبرات متخصصة لمثل هذه الحالات. وقدّر متابعون أن الكمية النافقة تجاوزت المئتي طن في وقت قياسي اقل من عشرة أيام. فيما مدير عام المصلحة الوطنية لنهر الليطاني سامي علوية اكد لـ”نداء الوطن” ان الكمية التي التقطت من على ضفاف البحيرة 140طناً، تم دفنها في العديد من الحفر التي استحدثت لمعالجة التخلص من هذه الكمية، بعد تضافر الجهود بين فرق من المصلحة ومن الجيش والمجتمع الاهلي والمدني.
هذا ما فتح الحديث والتكهنات عن ان سبب نفوق “الكارب” بهذه الكميات الكبيرة، بحسب روايتين لأهالي المنطقة المحيطة بالبحيرة، الأولى تعتبر انها نتيجة اقدام بعض الاشخاص لرمي مواد سامة، بعد قرار مصلحة نهر الليطاني بتوقف الصيد في البحيرة من 15نيسان الى 15ايار، لتبدأ مرحلة نفوق الاسماك في 17نيسان اي بعد القرار بيومين، لتسفر المواد السامة عن تقلص نسبة الأوكسيجين في المياه لأن “الكارب” يعتبر من أكثر الأسماك التي تتكاثر بسرعة كبيرة واكثرها ايضاَ استهلاكاً للأوكسيجين، وبالتالي عندما يشعر بنقصان الاوكسيجين يذهب الى الشط في حالة ضياع مما يؤدي الى موته.
اما الرواية الثانية يشكك مواطنون ان يكون الدواء الذي رشت به الحقول على طول ضفتي نهر الليطاني لمكافحة الجراد هو السبب في هذه الكارثة البيئية.
فيما المصلحة الوطنية لنهر الليطاني تنتظر نتيجة الفحوص المخبرية، المتداخلة بين من يصرّ على أن السبب الرئيسي والأساسي هو التلوث الذي بلغت نسبته حدوده القاتلة لكل شيء حي في المياه لأن التلوث يقلل من نسبة الأوكسيجين، ليؤدي الى هذه الكارثة.
فعامت على سطح المياه ليرميها المد والجزر الى ضفتي البحيرة، وتحديداً الى الجهة الشرقية منها المطلة على بلدة القرعون. فيما في الضفة الأخرى في منطقة مشغرة وصغبين وباب مارع فالمشهد مختلف لأن الكميات التي قذفتها الأمواج قليلة جداَ.
إلا ان الازمة طالت شظاياها القطاع السياحي في محيط البحيرة، ولحقت صيادي الأسماك لتصيبهم اصابات مباشرة في ظل ظروف اقتصادية صعبة واسواق اساساً معدومة.
يرفض صيادو الأسماك في بحيرة القرعون اتهامهم بان احدهم رمى سموماً في البحيرة، واقتناص فرص نفوق الاسماك لالتقاطها وبيعها، وقال سعيد “المشكلة ان كل الذين استفادوا من الأسماك الميتة هم من التابعية السورية”، ليردف أن في منطقة القرعون توجد مخيمات عشوائية، “شاهدنا شباباً ونساء وأطفالاً سوريين انتشروا على ضفة البحيرة وبدأوا بإلتقاط الأسماك الحية وهي في لحظة احتضار، وباعوا الكيلوغرام بـ5 آلاف ليرة”.
ويؤكد اصحاب المطاعم والمنتزهات في محيط البحيرة لـ”نداء الوطن” ان المشكلة اتت لتقضي على المطاعم والمنتزهات، بعد صراع طويل مع مخلفات كورونا واقفالات التعبئة العامة وانعكاسات الازمة الاقتصادية.
بدوره المدير العام للمصلحة الوطنية لنهر الليطاني سامي علوية اكد لـ” نداء الوطن”، ان المصلحة طالبت بتعيين لجنة خبراء من اصحاب النظريات والتجربة، وذلك لكي “نحسم الامر نهائياً ونصل الى السبب النهائي لوفاة هذه الأسماك.
وقال هناك نظريتان حول نفوق الأسماك، الاكثر ترجيحاً حتى الآن نظرية الاصابة بوباء فيروسي، والثانية حالة استيانو بيكتيريا، ادت بالنتيجة الى نفوق الكارب، ليردف “والى جانب ذلك وضعنا ايضاً فرضية القاء مواد سامة في البحيرة”.
وتابع علوية “ان كميات أسماك الكارب الحي الموجودة في البحيرة كبيرة تقدر بمئات الاطنان، انما لا تصلح للاستهلاك البشري في وضعها الحالي وفي وضع التلوث قبل الوصول الى الاسباب”. وافصح ان المصلحة طلبت من قاضي الامور المستعجلة ان يعين لجنة خبراء، “كما وطالبنا بمتابعة معالجة هذا الملف وبرفع التلوث وازالة التعديات وتشغيل محطات التكرير” وقال ان “الكمية النافقة اكثر من 140طناً حتى الآن”.
مصدر أمني أكد لـ”نداء الوطن” انه تم حتى الآن توقيف 20شخصاً جميعهم من التابعية السورية ويقيمون في احد المخيمات التي لا تبعد 150متراً عن البحيرة، قبض عليهم وهم يلتقطون الاسماك، ولفت المصدر الى ان عمليات التقاط الاسماك حصلت من قبل نساء واطفال بسبب سوء اوضاعهم الاقتصادية، ومنهم من التقط الاسماك لاستهلاكها، وقدر المصدر ان تكون الكميات التي التقطت وتم بيعها في الاسواق اللبنانية والشعبية لا تقل عن الـ 10اطنان.
وفي سياق متصل دعا الحراك الثوري في البقاع منظمة العمل الشيوعي، الحزب الشيوعي وحزب الطليعة للاعتصام والتظاهر يوم السبت عند سد القرعون، وذلك تحت عنوان “من اجل منع تكرار السلطات المتعاقبة وبحيرة القرعون”، لإنقاذ الثروة السمكية والحياة من هذه الجريمة البيئية التي ترتكب بحقهم.