أشارت وزيرة الإعلام في حكومة تصريف الأعمال منال عبد الصمد إلى أن “وزارة الإعلام تلعب دورا كبيرا مع الأشخاص ذوي الإعاقة بشكل عام، وأذكر التعبير هنا لأنه يجب التمييز بينهم وبين ذوي الإحتياجات الخاصة. إذ حسب القانون الدولي يجب تحديد الإعاقة كـ”major fact” لكي يكون الشخص من المؤهلين للاستفادة من القانون. أما الإحتياجات الخاصة فتكون في حلقة أوسع، إذ تشمل الإعاقات الموقتة أو الشيخوخة أو الإحتياجات الموقتة”، مضيفة: “إننا كوزارة نولي أهمية لذوي الإحتياجات الخاصة، ونستفيد من كل فرصة لدعمهم، وكوزارة نلعب دورا أساسيا في حملات التوعية عن الفيروس والتلقيح كتلك التي قمنا بتنظيمها مع الجهات الرسمية المعنية ومنظمة الصحة العالمية (WHO) واليونيسف (UNICEF) وغيرهم.
وأضافت، في حوار مع أساتذة وطلاب من ثانوية حسام الدين الحريري – الصف الخامس الأساسي: “أطلقت وزارة الإعلام في آذار 2020 حملة “مش مزحة” بهدف التوعية الإعلامية حول مخاطر فيروس كورونا ضمن أكبر شريحة ممكنة من المقيمين في لبنان والخارج، ومن ضمنهم ذوو الإحتياجات الخاصة، وللتأكيد على عدم التساهل بالنسبة الى صحة الناس وأمن الوطن الصحي. كما ساهم بالحملة عدد من وسائل الإعلام الخاصة ومختلف المواقع الإلكترونية، تعبيرا عن التضامن مع ذوي الإحتياجات الخاصة وتأمين التوعية اللازمة لهم. ونشرت الوزارة فيديوهات من بينها مجموعة بلغة الإشارة خاصة بالصم والبكم، بالتعاون مع جمعيات ومختصين، وذلك على موقعها الإلكتروني ووسائل التواصل الإجتماعي والصفحة الإلكترونية الخاصة بكورونا التابعة لها ومديرياتها: الوكالة الوطنية للإعلام، الإذاعة اللبنانية ومديرية الدراسات والمنشورات اللبنانية وتلفزيون لبنان”.
ولدى سؤالها عن خُلو كل القنوات اللبنانية، وتحديدا بنشرات الأخبار، من لغة الإشارات للصم، أجابت: “في لبنان صدر القانون 220/2000 الذي يعطي كامل الحقوق لذوي الإحتياجات الخاصة، لكن للأسف أولا لم يطبق كما يجب. كما أن لبنان من الدول القليلة جدا التي لم تصادق على إتفاقية “الأمم المتحدة لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة”، لأسباب متعددة. يجب العمل على تطبيق تلك الإتفاقية ووضع إستراتيجية لدمجها مع خطة وطنية لذوي الإحتياجات الخاصة، خصوصا في ما يتعلق بالتلفزيون والإذاعة وما شابه. وإننا في إعلامنا العام نعطي أهمية خاصة لهؤلاء الأشخاص، إذ يعمل في تلفزيون لبنان موظفان من ذوي الإحتياجات لخاصة (من الصم والبكم) منذ حوالى 15 سنة، هما هشام سلمان وهو مذيع إشارة، وجاك شلهوب عامل في قسم المنشرة”.
وأشارت الى أن “الموضوع يحتاج الى وعي وتوعية على مختلف الأصعدة، بالإضافة الى عدم وجود تمويل كاف، لأن هكذا مشاريع تحتاج الى أجهزة وبرامج خاصة للترجمة وغيرها، والأزمة الإقتصادية حاليا لا تسمح بمشاريع مماثلة للأسف”.
وعن وجود خطة لتحفيز وسائل الإعلام للاهتمام بلغة الإشارة واعتمادها في البرامج التلفزيونية المختلفة، أجابت: “لا يوجد خطة، لكن ليس من الصعب إعداد خطة لاعتماد لغة الإشارة للصم والبكم في البرامج. في تلفزيون لبنان هناك حرص على اعتماد لغة الإشارة في نشرة الأخبار مثلا (نشرة الخامسة والنصف بعد الظهر)، وهناك المذيع هشام سلمان وهو مذيع متميز بلغة الإشارة، كما أنه صاحب خبرة في عالم الكمبيوتر، وله دليل “قاموس هشام للصم والبكم” وهو قاموس فريد من نوعه والأول في لبنان والشرق الأوسط، وهو موجود على (CD) باللغتين العربية والإنكليزية”.
وقالت: “من الطبيعي أن يكون هناك بعض الصعوبات في التواصل خصوصا مع من يعانون ضعفا في السمع، والسبب يعود الى قلة التوعية والدعم الفني والمهني اللازم لدمج مثل هكذا خطة في إطار العمل الخاص، لكي يتم التواصل مع هذه الفئة من المواطنين. وحاليا لا يوجد تعاون مع وزارة التربية في هذا المجال. إن ذوي الإحتياجات الخاصة أو الإرادة الصلبة هم الأكثر تهميشا وهم يعانون ويفتقرون الى الوصول الى حقوقهم واحتياجاتهم الأساسية للأسف. وكذلك مع تدهور العملة الوطنية والأزمة الإقتصادية، تساوى الجميع في البلد وأصبحوا كلهم متضررين، لكن يبقى ذوو الإحتياجات الخاصة الفئة الأكثر تضررا، فهم لا يزالون يفتقرون الى الحد الأدنى من المتطلبات والخدمات والتسهيلات التي يحتاجونها من أجل البقاء (survive) والإندماج بشكل فعال في المجتمع”.
وعن كيفية مساعدة الصم والبكم على التأقلم في المجتمع، أجابت: “لا يوجد تعاون لأن القانون بحد ذاته لم يتم تطبيقه بعد، لذلك لم نصل الى مرحلة التنسيق بين الوزارات. إن عمل الوزارات المعنية بهذا الموضوع يجب أن يكون مبنيا على استراتيجية واضحة ومتكاملة، وطبعا وزارة الشؤون الإجتماعية هي المعنية بشكل أساسي في هذا الإطار، ودورنا كوزارة إعلام سيكون محوريا عبر التواصل مع مختلف الوزارات لوضع استراتيجية مشتركة”.
ولدى سؤالها عن عمل الدولة اللبنانية على دمج الصم والبكم في المجتمع، قالت: “لقد تم إقرار القانون 220/2000 الذي يراعي حقوق ذوي الإحتياجات الخاصة، ومنها ما يتعلق بالتوظيف، إذ ينص على ضرورة توظيف ما بين 3 الى 5 % من ذوي الإحتياجات الخاصة في المؤسسات، إلا أنه لا يتم تطبيق ذلك كما يجب، خصوصا في ظل الظروف الحالية التي نعيشها، وتوقف التوظيفات والتعيينات في الإدارات العامة. ولكن عند وجود الإرادة هناك الطريق When there is a will there is a way، وسنعمل كل ما في وسعنا للمساعدة في هذا المجال. يذكر أن الفقرة “ج” من مقدمة الدستور اللبناني تنص بوضوح على “المساواة في الحقوق والواجبات بين جميع المواطنين من دون تمايز أو تفضيل”. كما تنص المادة 7 من الدستور على أن “كل اللبنانيين سواء لدى القانون (…). وتنص المادة 12 منه على أنه “لكل لبناني الحق في تولي الوظائف العامة لا ميزة لأحد على الآخر إلا من حيث الإستحقاق والجدارة (…)”.
وختمت: “بالطبع يمكننا التغيير عند وجود الإرادة، فكيف إذا كانت “إرادة صلبة”. هناك حوالى 15 الى 20 % من المجتمع هم من ذوي الإحتياجات الخاصة، فإذا تم تهميشهم، هذا سيؤثر بشكل مباشر على حوالى 60 % من المجتمع. والسبب أن كل شخص من ذوي الإحتياجات الخاصة، يحتاج من شخص الى 6 أشخاص من عائلته لإعانته ومساعدته، في حال لم يكن محميا في القانون. إذا لم يتم إدماج فئة ذوي الإحتياجات الخاصة في المجتمع بشكل مناسب، فسيسبب ذلك عبئا على المجتمع، لذا من الضروري البدء بالتفكير جديا بهذه الفئة وكيفية إدماجها في المجتمع. دائما نحن في حاجة الى تغيير مستمر لتطوير مجتمعنا على مختلف الأصعدة، وتحقيق العدالة والمساواة في الحقوق والواجبات من أجل النهوض بوطننا وتعزيز مبادئ الديموقراطية فيه، بدءا من العائلة والمدرسة وصولا الى كل مؤسساتنا العامة والخاصة”.