جاء في المركزية:
مع دخول شهر ايار الجاري، تحوّل قرار رفع الدّعم عن السلع والمواد الأساسية نهاية الشهر الجاري الشغّل الشاغل للبنانيين، وانتشرت الشائعات كالنار بين الهشيم تارة عن فقدان المحروقات واخرى عن انقطاع المواد الغذائية الاساسية من لحوم ودجاج وبيض، في حين تناقش الحكومة البطاقة التمويلية، إلا أن أي قرار رسمي لم يصدر بعد، تاركاً مصير اللبنانيين في المجهول.
عاجلاً او آجلاً سيُرفع الدعم لا محال، خصوصاً وأن آخر دولارات احتياطي مصرف لبنان على وشك النفاد، ما يهدّد بانفجار اجتماعي قريب وسط الغلاء الفاحش. فماذا ستفعل مجموعات الثورة؟ هل من خطّة لتوظيف هذا الواقع والوقت المناسب جدّاً لإطاحة المنظومة الحاكمة وتحقيق التغيير المنشود؟
النائب المستقلّ العميد شامل روكز اوضح لـ “المركزية” أن “الدعم استنزاف لأموال الخزينة من دون استفادة المواطنين بالشكل الصحيح في المقابل، لأن أغلب السّلع المدعومة يستفيد منها التجار عبر بيعها بأسعار غير مدعومة في السوق المحلّي أو الخارجي أو حتّى تهرّب عبر الحدود البرية اللبنانية – السورية. باختصار، أموال الدعم تهدر خارج الطريق الصحيح أي مساعدة الطبقة المحتاجة”.
انطلاقاً من هنا، أعلن تأييدي اقتراح “ترشيد الدعم بحيث لا يمكن رفعه عن بعض السلّع والمواد مثل الطحين والمحروقات وأدوية الأمراض المستعصية… أما رفع الدعم عن الأصناف الأخرى، فأؤيّد جزءا كبيرا من الدراسة المعدّة من قبل وزارة الاقتصاد والتجارة، على أن يُرفق تطبيقها بإصدار البطاقة التمويلية وإلا يكون القرار بمثابة ذبح للطبقة الفقيرة”.
وأشار روكز إلى أن “االثورة لا تتوقّف على الدعم، إذ إن وضع البلد كارثي على كلّ الأصعدة بسبب المناخ السياسي السائد. وبالتالي، الدعم ليس حجّة للتحرّك في وجه السلطة الحاكمة وأدائها، بل قد يكون حافزاً إضافياً، لكن التحرّك يجب أن يحصل بغضّ النظر عن رفع الدعم لأن كلّ الحالة السياسية والاجتماعية والاقتصادية والنقدية مهترئة والآتي أعظم، لذا نأمّل ظهور حالة شعبية رافضة للوضع الراهنة بطريقة فعّالة، صحيحة وتضامنية بين المجموعات، أي عدم فرط الشارع بحجة ما، على غرار ما يحصل عند أي تحرّك”.
ولفت إلى أن “الاجتماعات مع المجموعات الأخرى مكثّفة، ونعمل بطريقة فعّالة، صحيحة، عميقة وواعدة للأيام المقبلة. والمفترض الاتفاق على عناوين داخلية عدّة عبر تثبيت أكبر للمطالب وأسس العمل، كي يقتنع الرأي العام بها أكثر ويشعر باستقرار وأمان وضمانة تجاه قيادات الثورة، بالتوازي نعمل على الرؤية المستقبلية”.
وكشف روكز عن “مؤتمر يعقد في 11 – 12 حزيران ستصدر عنه مقررات، والحلقات هي:
– أوّلاً، المشكلة الكبيرة في النظام اللبناني المتمثّلة بالثغرات الدستورية، منها تشكيل الحكومة، انتخاب رئيس الجمهورية، القانون الانتخابي… المفترض إغلاق الثغرات هذه بما يتناسب والتوصل إلى نظام سياسي صحيح يؤّمن وجودنا واستقرارنا.
– ثانياً، الدولة عبارة عن مجموعة دويلات، يتطلّب تخطّيها إرساء اللامركزيّة الإدارية الموسّعة، بشكل يكون الإنماء المتوازن قائما في مختلف المناطق وفي الوقت نفسه التنافس للأفضل وللنهوض بالبلد.
– ثالثاً، الاستراتيجية الدفاعية. المفترض أن تكون ضمانة لكلّ الشعب لأن الخطر يطال جميع اللبنانيين، وفي مفهوم المواطنية الصحيحة يجب أن تغطّي الاستراتيجية مختلف الأراضي وتكون القناعات مشتركة بين جميع اللبنانيين كي يدافعوا عنها وينخطروا فيها.
– رابعاً، الازمة الاقتصادية. المنطلق الأساسي لمعالجتها “خطّة ماكينزي”.
بالإضافة إلى التطرّق إلى النقاط البارزة في قطاعات الصحة والتربية والقضاء والاستثمارات… كلّها مواضيع مفترض أن تكون قواسم مشتركة لرؤية سياسية اقتصادية نقدية اجتماعية مستقبلية. والمطلوب، إلى جانب ذلك، حكومة اختصاصيين مستقلين كي تتمكن من إرساء رؤية مستقبلية لكلّ المواضيع المطروحة آنفاً والتعامل مع التقاطعات الإقليمية والدولية الضاغطة، حيث لا يمكن التنكّر للمفاوضات الأميركية-الإيرانية والسعودية-السورية وتأثيرها محلّياً، كلّها أمور يجب أن تؤخذ في الاعتبار لمعرفة كيفية إخراج البلد من أزمته، إذ ممكن أن تكون التطوّرات الإقليمية أزمة اضافية أو إنفراجا تبعاً لتعاطينا معها”.