كتب عمار نعمة في “اللواء”:
يوم بعد الآخر يغرق اللبنانيون في أزماتهم المتفاقمة منتظرين ما هو اشد واكبر كما تدل المؤشرات المؤسفة حاليا. ذلك ان غياب تشكيل حكومة اصلاحية وقادرة في الوقت العاجل تستجلب المساعدات الخارجية سيكون من شأنه ان يمضي اللبنانيون في انحدارهم نحو الهاوية وسط تضارب الانباء حول مسألة رفع الدعم من قبل مصرف لبنان ما سيعني في حال حصوله كارثة على اللبنانيين بكل المقاييس!
في هذا الوقت يغادر الرئيس المكلف سعد الحريري البلاد الى أبو ظبي لتمضية عطلة العيد، بينما تكثر الاسئلة حول ما سيقوم به بعد عودته وسط استفهامات حول ماهية المرحلة المقبلة وعن طبيعة المرحلة التي تخوضها المنطقة ولبنان معها.
لا رأي واحدا حول ما سيُقدم عليه زعيم «تيار المستقبل»، وهو تعمّد في الايام الماضية تسريب خبر اعتذاره عن اكمال المهمة رئيسا مكلفا، قبل ان يخفت هذا الحديث في العلن بعد تفجير تلك المفاجأة ليحتفظ بها الحريري مناورا بها الى ما بعد الاعياد.
خيارات كثيرة.. غامضة!
بينما ثمة وجهة نظر تشير الى ان الحريري بتسريب نيته بترك مهامه، عبر قياديين هامّين في «المستقبل»، يريد جس نبض خصومه الحلفاء في الوقت نفسه وعلى رأسهم «حزب الله» ومعه رئيس مجلس النواب نبيه بري وطبعا الزعيم الإشتراكي وليد جنبلاط، الذين يعلم تماما تمسكهم به حتى الرمق الاخير.
حتى الآن، يبدو الحزب متمسكا بالحريري وطبعا بري وجنبلاط ناهيك عن حلفاء الحريري المقربين، لكن ذلك لن ينفع في حال لم يقطع زعيم «المستقبل» تذكرة العودة الى الرئاسة عبر البوابة العربية، وهو ما ليس متوفرا حتى اللحظة.
وبذلك يريد سعد الحريري شراء الوقت حتى يتبين ما ستتمخض عنه مفاوضات الخارج، وهي متعددة، وان تصب في غالبيتها من حيث النتائج في مصب فيينا. فمنها ما هو على الخط الاميركي الايراني، ومنها ما يتفرع عنه في محادثات كسرت الجليد الصلب بين الرياض وطهران، بينما يتسلح الحريري في المقابل أقله حتى اللحظة، بموقف مؤيد له قوامه القاهرة وأبو ظبي، من دون استشراف صلابة هذا التمسك في المقبل من الايام.
رهان على تراجع شعبيته
وبذلك تبدو خيارات سعد الحريري محدودة وغامضة المآلات. فلو قدم اعتذاره سيكون بذلك وضع حجر الاساس لعده التنازلي شعبيا ولبداية خفوت نجمه السياسي. وان وافق سيصوره أخصامه خاضعا لـ«حزب الله». وفي الحالتين ستتأثر شعبيته اذا ما عرف اخصامه استثمار ذلك. أما في حال اراد الانسحاب فعلا فالسيناريوهات عديدة: اعادة تكليف اي اجترار للأزمة في حال لم تتغير المعادلة الاقليمية والدولية. عدم القبول به ما قد يؤدي به الى اسقاط المرشحين للرئاسة الثالثة كما حدث في فترة ما بعد استقالته على اثر انتفاضة 17 تشرين. أو الخيار النهائي بالقبول بالبديل الذي قد يكون شخصية من داخل نادي رؤساء الحكومة، وربما شخصية من خارجه تكون حاظية بالتقاطعات المرجوة لشخصية سنية قادرة على تحمل الضغوط والشروع في الحل، والاهم، المقبولية الخارجية.
كلها أسئلة من الصعوبة بمكان الاجابة عنها. وفي كل الاحوال لن تكون الاجابة قريبة زمنيا وسيكون اخذ اعتبار المشروعية السنية ضروريا بالنسبة الى طائفة بالكاد خرجت من احباطها الاخير بعد كل ما جرى في المنطقة كما في الداخل اللبناني.
ومرد عدم توفر الاجابة قريبا يعود الى ان تمظهر نتائج التسوية التي تحاك في الخارج لن يحل قبل الصيف المقبل. وهناك من يضع موعد الانتخابات الايرانية تاريخا مفصليا يحدد بدء العد لموعد الحل.. الآتي حتماً. وهو ما يشير الى ان لا حل في المدى المنظور وما يرجح ان يبقى اعتذار الحريري.. مُجمَّداً.