في زيارة لافتة شكلا ومضمونا وتوقيتا، وصل وزير الخارجية الإيرانية محمد جواد ظريف إلى دمشق صباح الأربعاء لإجراء مباحثات مع مسؤولي النظام السوري حول تطورات الأوضاع في المنطقة والعلاقات الثنائية. وقال “الدبلوماسي الضاحك” لدى وصوله الى المطار إن “الظروف الراهنة هي ظروف خاصة جداً ونزور سوريا على أعتاب الانتخابات فيها للتباحث مع الأصدقاء السوريين حول هذا الحدث المهم”. واذ اسف “للأعمال الإجرامية للكيان الصهيوني التي تصاعدت منذ يوم القدس العالمي والأحداث غير المسبوقة التي وقعت في المسجد الأقصى والأراضي المحتلة”، قال إن “سوريا بصفتها من الدول الرائدة في محور المقاومة لها دور مهم جداً في هذا المجال”. وأضاف إن “المحادثات ستشمل دعم الجمهورية الإسلامية الإيرانية للحكومة والشعب السوري سواء في مسار إعادة الإعمار أو في مسار مكافحة الإرهاب إضافة إلى الأوضاع الراهنة في فلسطين المحتلة”.
اما بعد لقائه الرئيس السوري بشار الأسد فقال “الانتخابات الرئاسية في سوريا مهمة للغاية ونحن مستعدون للإشراف عليها ونأمل أن يقرر الشعب السوري مستقبله من خلال المشاركة فيها”. وعن العلاقات الإيرانية – السعودية، اعلن ظريف “نحن مستعدون لعلاقات وثيقة مع السعودية وكنا دائما على استعداد، لطالما رحب إخواننا السوريون بالتعاون مع العالم العربي ونحن كذلك”، مضيفا “كانت لنا اتصالات مع السعودية ونأمل أن تكون هذه الاتصالات مثمرة من خلال التعاون المقبل بين إيران والسعودية من أجل السلام والأمن في المنطقة وخاصة اليمن الذي يعاني من كارثة إنسانية كبيرة”.
بحسب ما تقول مصادر دبلوماسية مطّلعة لـ”المركزية”، فإن 3 ملفات مترابطة بقوة في ما بينها، احتلّت الحيز الاكبر من مناقشات المسؤول الايراني في دمشق، ودفعته الى زيارة الشام في هذا التوقيت بالذات.
اوّل موضوع هو الانتخابات الرئاسية السورية المحددة في 26 أيار الجاري. وفيما نتائجها محسومة سلفاً لصالح الاسد، فإن ظريف اراد الاطمئنان الى استمرار التحالف الوثيق بين الرئيس السوري وطهران، في ظل تنامي الحديث في الاوساط الدبلوماسية الاقليمية والدولية، عن شروط روسية وعربية فُرضت عليه ليبقى في منصبه، أبرزها الابتعاد عن ايران عسكريا وسياسيا، مقابل الاقتراب اكثر من الأسرة العربية.
من هنا، ندخل الى الملف الثاني، تتابع المصادر، وعنوانُه المحادثات السعودية – السورية. فصحيح ان ايران منخرطة ايضا في حوار مع المملكة، تم تأكيده رسميا منذ ايام قليلة على لسان الناطق باسم الخارجية الايرانية، الا ان الجمهورية الاسلامية تريد ايضا التأكد من ان الضغوط السعودية لإخراج مقاتلي الاذرع الايرانية من سوريا، من الحرس الثوري وحزب الله والحشد الشعبي، لن تفعل فعلها لدى النظام السوري، وبالتالي فإن الهلال الشيعي الممتد من طهران الى بغداد فدمشق فلبنان، لن ينكسر قريبا.
المسألة الثالثة، متفرّعة ايضا من النقطتين المذكورتين آنفا. فالضربات الاسرائيلية المكثفة على اهداف ايرانية في سوريا، تقض مضجع طهران. وهنا سعى الدبلوماسي الايراني الى التعمق في خلفية هذه الغارات، من حيث الضالعون فيها ومن يحرّكها او يسهّلها. فايران تخشى ان يكون النظام بات راضيا عن الموقف الروسي المتساهل مع الاعتداءات الاسرائيلية، حتى انه قد يكون يكشف بعض الاحداثيات الجغرافية عن مواقع المراكز الايرانية على اراضيه، للخصوم، أو “يبيعهم” اياها. وقد بدا ظريف هنا، محذّرا، ومذكّرا الاسد بأفضال القوات الايرانية عليه وعلى صمود نظامه.
المصادر ترجّح ان يكون الاسد أسمع ضيفه ما يريد سماعه، الا ان الاسابيع القليلة المقبلة وحدها، كفيلة بإظهار حقيقة “الديل” الذي مدّد للرئيس السوري…