كتب أسامة القادري في “نداء الوطن”:
أكثر من 27 قرية في قضاء راشيا تقع تحت عذاب “العطش” وكلفة تأمين وشراء المياه في ظل أزمة اقتصادية ومعيشية صعبة وفي منطقة تغيب فيها فرص العمل، ما يرخي بثقلها على جيب المواطن نتيجة انقطاع ضخ مياه الشفة من الآبار الأرتوازية، والتي غالبيتها موجودة في بلدة لوسي في البقاع الغربي ومن نبع عين الزرقا، لتتعرض الى ابتزاز سياسي ومعاقبة الأهالي على مواقفها كون غالبية سكانها محسوبون على تيار سياسي مغاير للتيار القيّم على وزارة الطاقة والمياه.
فمنذ ما لا يقل عن ثلاثة أشهر، تقبع المنطقة بأكملها تحت ضغط الإنقطاع التام لمياه الشفة، ومنذ عشر سنوات تخضع لتقنينين قاسيين، الأول ناتج عن الأعطال ودورة التوزيع، والآخر بسبب التقنين القاسي للتيار الكهربائي وبيع المياه الى المسابح والمسامك والمزارعين في المنطقة، فتنقسم بين انقطاع جزئي في قرى واقعة وسطياً، لأنها تعتمد التغذية عبر شبكات خزانات القرى العاملة على الجر بالجاذبية، أما القرى الجبلية المرتفعة، والمنازل الواقعة على جانبي الطريق الرئيسية من بلدة المنارة وصولاً الى بلدة مرج الزهور، يعاني السكان فيها من انعدام مياه الشفة منذ ما لا يقل عن ثلاثة أشهر. وعلى ايقاع حاجة الناس الى المياه، يتم تقاذف المشكلة بين من يعتبرها فعلاً مقصوداً من قبل فريق “التيار الوطني الحر” لإخضاع المنطقة الى تسويات سياسية وابتزاز الناس، من خلال اعتبار حل مشكلة مياه الشفة في المنطقة انجازاً يسجل لقيادة “البرتقالي” في المنطقة، وبين من يراها نتيجة تأخر قسم الصيانة في مصلحة المياه في البقاع الغربي وراشيا في إصلاح الأعطال في محطات الضخ، ولعدم قدرة المصلحة على مد خط كهرباء ليغطي 24/24، التي من شأنها دفع المياه إلى خزانات تجميع المياه القائمة في البلدات لإعادة ضخها الى المنازل، لتحيل الادارة تقاعسها عن إصلاح الأعطال إلى ضعف الإمكانات الموجودة لدى المصلحة.
وأكد مصدر في مصلحة مياه البقاع أن قرار قسم الصيانة في جميع المناطق خاضع لمكتب وزير الطاقة مباشرة، وهذا الأخير اعتمد سابقاً وحالياً آلية من خلال تدخل قيادات “التيار الوطني الحر” في المنطقة، لدفع فعاليات القرى والأهالي لطلب مساعدة العونيين “لأن يأتي الحل عبرهم”.
هذه المشكلة المزمنة والمتفاقمة حالياً دفعت بمواطنين لأن يعالجوها بالطرق البدائية من خلال إنشاء خزّانات من الإسمنت (آبار جمع)، لجمع مياه الشتاء من سطوح المنازل. هذا عدا الكلفة المادية التي يتكبدها من يشترون المياه. في ظل الأزمة الاقتصادية والضائقة المعيشية وانعدام فرص العمل.
وأكد مصدر في مؤسسة “مشروع مياه عين الزرقا” لـ”نداء الوطن”، أن المؤسسة شغّلت خط قرى عزة – البيرة، خربة روحا، الرفيد، المحيدثة، ضهر الأحمر وكوكبا بمياه الشفة من محطة عين الزرقا بنسبة 50% بناء لقرار من رئيس مجلس الجنوب قبلان قبلان، بعد اتصال من النائب وائل ابو فاعور، وذلك لرفع الحرمان عن تلك القرى التي كانت تعيش تحت وطأة شح المياه خصوصاً خلال فصلي الربيع والصيف. وانعكاساً للأزمة، لا يخفي مواطنون ان كلفة تأمين المياه اصبحت في هذه الظروف خيالية. يستهل المواطن محمد عبد الفتاح من بلدة الرفيد، “الشكوى لغير الله مذلة”، ليشرح ان أصغر منزل يحتاج شهرياً الى خمسة صهاريج مياه للاستعمال المنزلي كل واحد ثمنه 75 ألف ليرة، والى 60 غالون مياه للشرب والطبخ ثمن الواحد منها 3 آلاف ليرة، أي بما معدله نحو 600 ألف ليرة شهرياً كلفة المياه. من جهته، ذكر مصدر في إدارة مشروع مياه شمسين، خلال حديث لـ”نداء الوطن” أن المشكلة تبدأ من بئر لوسي الذي يغذي 27 قرية وبلدة في راشيا، التي تحتاج بحدها الادنى الى 6 آلاف متر مكعب يومياً، ونتيجة لتراكم الأعطال وارتفاع عدد ساعات التقنين، لا تصل الكمية الى 1500 متر مكعب كحد أقصى، وشدد أن الحل هو بتأمين خط كهرباء رئيسي يغذي محطة لوسي 24/24 ساعة يومياً. و”هذا ما رفعناه مراراً وتكراراً الى ادارة مؤسسة كهرباء لبنان، ولم نلق منها أي تجاوب”. وأضاف أن المشكلة تكبر أكثر عند مطلع الربيع والصيف بسبب تعديات بعض اصحاب المسابح والمزارع، الذين يعمدون الى سرقة المياه من الخطوط الرئيسية وبالتالي يؤدي ذلك الى ضعف الضخ كون الشبكة تعمل على الجاذبية.
بدوره رئيس اتحاد بلديات قلعة الاستقلال فوزي سالم قال: “إن القرى التي تعاني حالياً من انقطاع تام هي الرفيد، ضهر الاحمر كوكبا، عزة، البيرة، عيثا الفخار، المنارة وذلك بسبب العهر السياسي، حيث تتم محاسبة منطقة بكاملها لان غالبية أبنائها محسوبون على تيار سياسي مغاير لهم، ويقف القيمون، سياسياً وادارياً، على وزارة الطاقة حاجزاً امام تخفيف المشكلة”. وتابع سالم واضعاً المشكلة في إطار محاسبة المنطقة: “سابقاً كانت تصلنا الكهرباء من سوريا، وبقرار من الوطني الحر تم توقيف التغذية، بعدها اصبحت تصلنا من معمل تل عمارة، ونتيجة الضغط تعطل، ليتم التحوّل الى محطة بعلبك، وبسبب التعديات الكثيرة تنقطع المياه بشكل مستمر”. وأردف: “منذ ثلاثة أشهر ونحن نتصل ونتواصل مع كافة الجهات المعنية، مؤسسة المياه ترمي المشكلة على شركة الكهرباء و”الكهرباء” ترمي المشكلة على “المياه”، فيما المواطن يدفع الثمن”.
وختم قائلاً: “البلديات لا يمكن ان تقوم بالحلول ضمن امكاناتها المادية الحالية، حتى لا يمكن اعادة ضخ المياه من الآبار الارتوازية في القرى عبر الشبكة، لان ذلك يحتاج الى معدات وآليات لا طاقة للبلديات على تأمينها، لذا، حل لهذه المشكلة يكون في مد خط كهرباء مباشر من محطة جب جنين الى بئر لوسي غير خاضع للتقنين للانتهاء من هذه الازمة”.