كتبت رندة تقي الدين في “نداء الوطن”:
على هامش قمة دعم السودان، أجرى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي محادثات مع الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون في قصر الإليزيه حول التصعيد القائم بين إسرائيل والفلسطينيين، والملفين الليبي واللبناني. وقالت الرئاسة الفرنسية إن الرئيسين أعربا عن قلقهما البالغ إزاء هذا التصعيد وسقوط عدد كبير من القتلى المدنيين، وأكدا ضرورة وضع حد للمواجهات، وتباحثا في اتصالات كل منهما من أجل التهدئة، بينما جدد الرئيس الفرنسي دعمه للوساطة المصرية واتفق مع السيسي على الاستمرار في التنسيق من أجل الدفع باتجاه وقف إطلاق نار سريع وتجنّب توسيع الصراع.
أما في ما يتصل بلبنان، فشدد مصدر فرنسي مسؤول على أنّ “الموقف الفرنسي المعروف هو ضرورة تشكيل الحكومة، ومصر تشارك فرنسا الرأي في ذلك”. غير أنّ الموقف المصري إزاء لبنان يعتبر أن طرح رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري تشكيل حكومة من 18 وزيراً ومن ثم موافقته على تشكيلة من 24 وزيراً شرط ألا يكون فيها “ثلث معطل”، هو الطرح نفسه للمبادرة الفرنسية كما عرضها الرئيس ماكرون. وفي حين ترى باريس أنّ كلاً من جبران باسيل والحريري عليهما جزء من المسؤولية في تعطيل تشكيل الحكومة، تعتبر القاهرة أنّ باسيل ورئيس الجمهورية ميشال عون بخلاف ما يدّعيانه لا يزالان متمسكين بالثلث المعطل، وبالتالي لا يجد الموقف المصري أي جدوى من أي اجتماع يُعقد بين الحريري وباسيل لأنه لن يؤدي إلى نتيجة، باعتبار أنّ باسيل يريد انتزاع تنازلات من الحريري من دون أن يقدم له أي تنازلات في المقابل، ونتيجة ذلك لطالما كان يؤخذ على الحريري سنياً أنه يقدّم التنازلات.
وبناءً عليه، يبدي الموقف المصري تمسكاً بالحريري رئيساً للحكومة، ولا يرى إمكانية لممارسة المزيد من الضغط عليه، لأنه عندما قام بالتسوية مع عون كانت مصر تدعمه طالما كان يحافظ على موقعه وعلى اتفاق الطائف، ولأنه كان يعتزم سحب عون إلى التوجه العربي، لكن ما حصل هو أنّ عون وباسيل أخذا لبنان في اتجاه ايران و”حزب الله”، واليوم يحاول الرئيس المكلف أن يصحّح الأمور.
وتعتبر مصر أنه لا يمكن لفرنسا أن توافق على أن يكون الحريري “رئيس حكومة منكسراً” وأن ينجرف لبنان أكثر نحو إيران و”حزب الله”، علماً أنّ ماكرون طلب سابقاً من السيسي الضغط على الأطراف اللبنانية لتشكيل الحكومة، وكان الحريري قد أبدى، بعد اتصال الرئيس المصري به، مرونةً إزاء القبول بصيغة الـ24 وزيراً، لكنّ مصر ترفض زيادة الضغط على الحريري وتؤكد تمسكها به رئيس حكومة قادراً على القيام بدور يعيد لبنان إلى التوجه العربي.
تجدر الإشارة إلى أنّ وزير الخارجية المصري سامح شكري التقى نظيره الفرنسي جان ايف لودريان وشارك في المحادثات بين الرئيسين ماكرون والسيسي، لا سيما وأنه على اطلاع بتفاصيل الوضع اللبناني وكان قد زار لبنان في الآونة الأخيرة.