يسير المركب بما لا تشتهي الرياح العونية بعدما أمعن “العهد القوي” في الاستقواء على السلطة القضائية وتهشيم صورتها وشرذمة صفوفها، عبر مسلسل طويل من الضغوط والتدخلات الرئاسية والسياسية الساعية إلى تطويق الجسم القضائي وتطويعه، بدايةً مع حجز “التشكيلات” في أدراج القصر الجمهوري، وصولاً إلى إغراقه في رمال متحرّكة من الشغور في المواقع سواءً في مجلس القضاء الأعلى الذي تنتهي ولاية أعضائه غير الحكميين نهاية الشهر الجاري، أو في المجلس الدستوري الذي أعطى “علماً وخبراً” أمس بالنقص الحاصل في نصابه، لكنّ مجلس شورى الدولة نجح أمس في كسر قيد الضغط والتهويل عليه لدفعه إلى الانحياز للقاضية غادة عون في مواجهة مدعي التمييز القاضي غسان عويدات، فرفض طلبها وقف تنفيذ قرار عويدات الذي قضى بكف يدها عن الملفات المالية المهمة ضمن إطار إعادة توزيع أعمال النيابة العامة الاستئنافية.
وخلص مجلس القضايا في “شورى الدولة”، إلى التأكيد على مرجعية مجلس القضاء الأعلى بوصفه “المرجع الأعلى في سلطة القضاء العدلي المستقلة في تسيير أمورها”، فقرر بالإجماع “ضمّ طلب وقف تنفيذ” قرار عويدات إلى الأساس وإبلاغ مجلس القضاء بكافة المستندات العائدة لملف المراجعة المثارة من قبل القاضية عون، ما يعني عملياً، وفق ما أوضحت مصادر قضائية، الركون إلى رأي مجلس القضاء الأعلى في النزاع الدائر بين عون والنائب العام الاستئنافي، علماً أنّ المجلس كان واضحاً في إبداء تبنيه لقرارات عويدات، كاشفةً في الوقت عينه أنه من المتوقع أن تصدر هيئة التفتيش القضائية قرارها بإحالة عون إلى “التأديب” نهاية الأسبوع.
وأوضحت المصادر، أنّ هيئة التفتيش تتجه في جلستها التي ستعقد بعد غد الخميس على الأرجح إلى اتخاذ قرار نهائي بملف إحالة عون أمام الهيئة من قبل مجلس القضاء الأعلى ربطاً بقضية التجاوزات المشهودة والشكاوى المسجلة بحقها في العديد من الملفات المسلكية وآخرها عصيان تعليمات رئيسها مدعي عام التمييز ومخالفة قرارات مجلس القضاء، مشيرةً إلى أنّ المعطيات المتوافرة تشي بأنّ قرار التفتيش سيعمد إلى الاكتفاء بإحالة عون إلى مجلس التأديب، أو ربما يرفق قرار إحالتها إلى “التأديب” مع قرار وقفها عن العمل.