كتبت جريدة الأخبار:
يُفترض أن يدعو رئيس مجلس النواب نبيه بري خلال أيام الى جلسة لمناقشة الرسالة التي وصلت من بعبدا الى الهيئة العامة، تطلب فيها اتخاذ قرار أو إجراء بحق الرئيس المكلف «لتعطيله ولادة الحكومة»، فهل تتحول الجلسة الى منازلة طائفية ومذهبية؟
في «المأذونية» السياسية التي نالتها غالبية القوى منذ ما قبل الأعياد وامتدت حتى هذا الأسبوع، قرّر رئيس الجمهورية العماد ميشال عون تحريك ملف الحكومة. وفي خطوة إلى الأمام، نفّذ عون فكرة سبقَ أن تراجع عنها، مُرسلاً إلى مجلس النواب رسالة يشرح فيها أسباب التأخير في تشكيل حكومة، وطالباً من المجلس اتخاذ القرار أو الإجراء المناسب.
الرسالة تبدو كمحاولة لتطويق الرئيس المكلف سعد الحريري، بعدما تراجَع عن قرار الاعتذار، وواحدة من الوسائل التي «حلّلها» الوزير السابق سليم جريصاتي دستورياً للتخلص من الحريري، بعدما صارَ التعايش معه ضمن حكومة واحدة مستحيلاً في نظر فريق بعبدا أو الوزير السابق جبران باسيل.
في البداية، ووفقَ ما جاء في نص الرسالة التي نشرها موقع الرئاسة الأولى، اعتبر عون أن أسباب التأخير في استيلاد الحكومة «لا يجوز أن تبقى موضع التكهّن أو الالتباس أو الاجتهاد، داخليّة كانت أم خارجيّة، كما أنّها لا يجوز أن تأسر التأليف إلى أفق زمنيّ غير محدد، فتؤبّد التصريف، ولا سيّما أنّ الحكومة المنتظرة إنما هي حكومة إنقاذ لبنان من أزماته الخانقة المذكورة، وأنّ تأليف الحكومة هو عمل دستوري وجوبي وليس من قبيل الاستنساب والترف، فضلاً عن أنّ الأعراف الدستوريّة، إنما ينشأ جلّها في سياق استحقاقات دستوريّة محوريّة ومفصليّة، فيجب على رئيس الجمهوريّة المؤتمن على الدستور السهر على أن لا تنشأ أعراف دستوريّة خاطئة عند إنشاء السلطات الدستوريّة».
ورأى عون أنه «أصبح من الثابت أن الرئيس المكلف عاجز عن تأليف حكومة قادرة على الإنقاذ والتواصل المجدي مع مؤسسات المال الأجنبيّة والصناديق الدوليّة والدول المانحة، لوضع برامج المساعدات التي من شأنها إنقاذ الوطن، النازف دماً غالياً على جميع الصعد، ولا يزال يأسر التأليف بعد التكليف ويؤبّده، كما يأسر الشعب والحكم ويأخذهما معاً رهينة مساقة إلى الهاوية، متجاهلاً كلّ مهلة معقولة للتأليف».
هذه الحركة لم تكُن مفاجئة، لكن هل يُمكن مجلس النواب سحب التكليف من الحريري؟ الرسالة وصلت ظهر أمس الى مجلس النواب، واعتبرها الحريري «إمعاناً في سياسة قلب الحقائق والهروب إلى الأمام»، قائلاً: «للحديث صلة في البرلمان». كانَ الرئيس عون قد أعلمَ بها رئيس مجلس النواب نبيه بري في الاتصال الأخير بينهما خلال الأعياد؛ إذ بحسب معلومات «الأخبار»، تحدث عون عن مخاطر تأخير التأليف، وقال لبري إنه في صدد البعث برسالة، وهو الأمر الذي لم يحبّذه رئيس المجلس، لأن «هذا الأمر سيفتَح نقاشاً عقيماً ويثير التوتر في البلد، الا أن عون أصرّ على ذلك».
وبما أن الرسالة صارت في عهدة المجلس، فقد باتَ لزاماً على رئيسه، بحسب النظام الداخلي، الدعوة الى عقد جلسة خلال ثلاثة أيام يتلو فيها الرسالة على النواب، وإما أن يبدأ النقاش على الفور وإما في مهلة 24 ساعة، ومن بعدها تعقد جلسة أخرى للرد.
أما سياسياً، فلا يبدو أن أياً من الأطراف يؤيّد هذه الخطوة «فلا أحد يريد أن يسحب التكليف من الحريري»، ثم إن «مثل هذه الخطوة ليست دستورية»، وفقَ أكثر من نائب أكدوا أن «لا شيء ينصّ على أن التكليف ينتزع من الرئيس المكلف، بل عليه هو أن يعتذر عن عدم القيام المهمة». واعتبر هؤلاء أن «خطورة الرسالة هي أنها ستتسبّب في انقسام دستوري وسياسي»، كما «ستخدم الحريري لأنها ستستفزّ الطائفة السنية وتجعلها تصطف خلف الرئيس المكلف وضد عون، وسيحوّرها رؤساء الحكومات باعتبارها استهدافاً لموقع رئاسة الحكومة وضربه، وهو ما سينعكس في خطابات النواب في الجلسة التي على الأغلب ستتحول الى منازلة طائفية ومذهبية»، بينما قال نواب في كتلة «المستقبل» إن «أحداً لا يقبل بإجراء كهذا، لأنه سيكرّس قاعدة جديدة، فكل رئيس جمهورية لا يتوافق مع الرئيس المكلف يستعين بمجلس النواب»، مؤكدين أن «الحريري تراجع عن فكرة الاعتذار نهائياً».