كتبت ايفا ابي حيدر في “الجمهورية”:
تنفّذ أكثر من 45 صيدلية في المتن اضراباً غداً الخميس، احتجاجاً على ما آل اليه وضع القطاع الصيدلاني. وبعد اقفال حوالى 700 صيدلية «والحبل على الجرار». فالصيدليات التي لا تزال تفتح أبوابها تعاني من نقص كبير في الادوية. ولسان حال الصيادلة: «لا نعرف لماذا نستمر بالعمل طالما ليس بمقدورنا تأمين متطلبات المرضى من الأدوية او مستلزمات طبية. فالشركات لا تسلّمنا، ومخزوننا فارغ والرزق على الله».
يعيش القطاع الصيدلاني والادوية كغيره من القطاعات، الضبابية التي تحوم حول مصير الدعم، في غياب اي قرار او اي خطة بديلة او رؤية مستقبلية لما بعد رفع الدعم. الصيدليات تعاني من النقص، لذا سترفع الصوت في اضراب تنفذه غداً الخميس، احتجاجاً على ما آلت اليه الامور. وهي تأمل بانضمام اكبر عدد ممكن من الصيدليات لوقفتها الاحتجاجية هذه.
والوضع لا يختلف كثيراً في المستشفيات. فقد حذّر نقيب أصحاب المستشفيات الخاصة سليمان هارون في تصريح امس، من «خطر الموت الذي يهدّد حياة المرضى، في ظلّ كارثة متمثّلة بالنّقص الحاد في المستلزمات الطبية، الأدوية وكواشف المختبر، بعد أن زادت حدّة الأزمة في الفترة الأخيرة»، لافتاً إلى أنّ «العديد من الأدوية لا تُسلّم حتّى للحالات المزمنة والخطرة مثل أدوية القلب.
البحث عن اسباب الأزمة ليس بجديد. انما يعيد نقيب مستوردي الادوية كريم جبارة لـ»الجمهورية» تفاقم الأزمة هذه المرة، الى مجموعة من المعوقات التي حلّت في الوقت نفسه. فالكل يتحدث عن انّ الدعم سينتهي في نهاية شهر أيار، لأنّ مصرف لبنان لم يعد يملك الأموال للاستمرار فيه، وقد انعكس ذلك سلباً على المحروقات والدواء والسلة الاستهلاكية، بما رفع من منسوب الهلع عند المواطن، لأنّه يشعر انّ الأمور تسير هذه المرة بجدّية أكثر، وانّ الدعم سينتهي ولا مزاح في ذلك. يُضاف الى هذه الأجواء المتشنجة أصلاً، لجوء مصرف لبنان الى اعتماد آلية جديدة يتطلب السير فيها الحصول على موافقات مسبقة. والمؤسف انّ هذه الآلية ستُطبّق حتى على شحنات أدوية سبق ووصلت الى لبنان. لذا نحن ننتظر حالياً الحصول على موافقات مسبقة من مصرف لبنان قبل التصرّف بها، وذلك كتدبير احترازي، كي لا يعتبر مصرف لبنان نفسه غير مسؤول عنها. واستناداً الى هذه الوقائع بتنا عاجزين عن التصرف بما بين 40 الى 50 في المئة من المخزون الموجود، بانتظار الحصول على الموافقة المسبقة من مصرف لبنان.
يُضاف الى كل ذلك، انّ مخزون المستوردين من الادوية ضئيل جداً بسبب صعوبة الاستيراد، في مقابل ارتفاع الطلب على الادوية. وعليه، نحن نملك اليوم مخزوناً اقل من القليل. وقد لاحظ المواطن انّ هناك انقطاعاً لعدد كبير من الادوية، إضافة الى حقيقة انّ مخزون بعض أصناف الادوية لا يكفي حاجة كل لبنان، ما دفع بالمستورد الى التقنين في التوزيع حتى يتمكن من ايصاله الى كل الصيدليات، لئلا تتسلّم صيدليات الدواء وتُحرم منه صيدليات أخرى.
وعمّا اذا كان هناك وعود بحلحلة قريبة، قال جبارة: «رغم اننا لمسنا من حاكم مصرف لبنان في تواصلنا الأخير معه، انّه سيعطي الأولوية لشحنة الادوية التي وصلت أخيراً، انما لغاية اللحظة لم يطرأ أي جديد، وما زلنا في انتظار موافقته».
وأكّد جبارة، انّه في حال حصلنا على موافقة مصرف لبنان على شحنات الادوية المستوردة، فمن شأن ذلك إراحة الأسواق. انما لا شك انّ حالة الخوف والتحوّط ستظلّ موجودة، لأنّ الكل يتحدث عن توقف الدعم نهاية الجاري، من دون إعطاء أي خطة عمل او رؤية بديلة.
وأوضح رداً على سؤال، «انّ كل ملف اصبح في عهدة مصرف لبنان لن يحتاج الى موافقة مسبقة، وهو يمثّل نصف المخزون تقريباً. ونحن كمستوردين نتصرف به حالياً، ومنه نؤمّن بما تيسّر حاجة السوق. اما الملفات المتبقية والتي لم يستلمها مصرف لبنان بعد (بسبب عدم انتهاء المستوردين من إعداد الملف وتخليص المعاملات او موافقة البنك التجاري…) سيطبّق عليها شرط الموافقة المسبقة، وهي تمثل النصف الثاني من المخزون». واعتبر جبارة، انّه «متى اخذنا موافقة على الشحنات التي لا تزال عالقة عند مصرف لبنان سترتاح الأسواق لأسابيع. انما بسبب الضبابية وغياب الرؤية سيبقى التشنّج وحالة الخوف قائمة».
وأكّد جبارة انّه اعتباراً من شهر حزيران لن يعود في إمكاننا الاستيراد من دون الحصول على موافقة مسبقة. والتخوف هنا من ان يؤدي التباطؤ في الحصول على الموافقة من مصرف لبنان الى تأخير الاستيراد وتفاقم الأزمة مجدّداً.
هارون
في السياق نفسه، أكّد نقيب أصحاب المستشفيات الخاصة سليمان هارون في حديث لـ«المركزية» امس، انّ «مخزون المستشفيات فارغ، وتتّصل ببعضها لاستعارة دواء إذا وجد في مستشفى آخر. وكلاء الأدوية يقولون إنّ البضائع غير متوافرة في حوزتهم. أما بعض مستوردي المستلزمات فيصارحون أنّهم أوقفوا التسليم بسبب الضياع في تحديد الأسعار… باختصار فوضى عارمة وخطرة مسيطرة على البلد».
وأكّد هارون «أننا بتنا في مكان أسوأ بكثير ممّا كنّا ننبّه منه. وعدم حلّ المشكلة السياسية يجعل من كلّ يوم أسوأ من الآخر».
وكشف عن نيّته توجيه كتاب إلى «جميع المسؤولين لرفع المسؤولية عن المستشفيات في حال وصل إليها مريض وتدهورت حالته الصحية بسبب عجز المستشفى عن إجراء فحص مختبر له أو إعطائه الدواء اللّازم».