كتب نجم الهاشم في نداء الوطن:
في 22 نيسان الماضي أعلنت المملكة العربية السعودية عن ضبط كمية ضخمة من الحبوب المخدرة المشحونة من لبنان. لم تكن تلك الكمية إلا واحدة من عمليات شحن أخرى جرت في أوقات سابقة وكانت كناية عن ملايين حبوب الكابتاغون بأنواعه المختلفة. يقال ان الأجهزة الأمنية في المملكة اكتشفت الشحنة في شباط الماضي وتأخرت في الإعلان عنها بانتظار أن تبادر السلطات اللبنانية إلى تحمل المسؤولية وضبط الحدود وعمليات التهريب ولكن هذه السلطات بدت عاجزة وغير مبالية بما يحصل.
عندما أعلنت المملكة وقف عمليات التصدير من لبنان إليها استفاقت السلطة اللبنانية على هذا الواقع وحاولت أن تعالج الوضع على طريقتها لإقناع المملكة بأنها ستمنع عمليات التهريب، وطار وزير الداخلية العميد محمد فهمي فوق الحدود البرية وتفقد المطار.
ولكن وإن كانت نواياه صادقة في منع التهريب إلا أن الواقع يبقى أقوى من أن يتغير بمجرد عبور خاطف في الأجواء.
لم يكد يخبو موضوع تهريب الكابتاغون إلى المملكة حتى هبّت عاصفة حديث وزير الخارجية شربل وهبه عن دول الخليج والمحبة التي “جلبت تنظيم داعش وزرعته لنا في سهل نينوى والأنبار وتدمر وقامت بتمويله” ليدعم إيمانه بأن سلاح “حزب الله” هو الذي يشكل عنصر الأمان بالنسبة إليه وليعطي تبريراً رسمياً لبقاء هذا السلاح. في حديث وهبه لا يعود الكبتاغون مجرد حبوب بل يتحوّل إلى كلمات وعبارات مفعولها أقوى من الكابتاغون.
كبتاغون وهبه في هذا المجال وبهذا المعنى ليس ماركة مسجلة باسمه. إنه حالة يعيشها العهد والسلطة التي أتت بوهبه إلى وزارة الخارجية. كابتاغون وهبه متوفر في مواقع أخرى وفي أحاديث كثيرة أخرى. لو لم يكن جو هذا الكابتاغون السياسي متوفراً بكثرة لما اعتبر وهبه أنه يمكنه قول ما قاله من دون الشعور بأي أسف أو من دون أي مراجعة. هذا الجو جعله يعتبر أن مثل هذا الحديث طبيعي ومسألة عادية.
لا يكفي أن تتبرأ رئاسة الجمهورية اللبنانية من كبتاغون وهبه وتعلن أن ما قاله لا يعبر عن الموقف الرسمي بل عن موقفه الشخصي ذلك أن رئيس الجمهورية قبله كان اعتبر أن سلاح “حزب الله” هو للدفاع عن لبنان طالما أن الجيش اللبناني ليس قادراً على تأمين هذه الحماية ومثله فعل وزير الخارجية الأسبق رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل بينما لا ينفك الأمين العام لـ”حزب الله” حسن نصرالله شريك العهد في صناعة السياسة الرسمية عن مهاجمة السعودية ودول الخليج. كابتاغون وهبه حالة عامة داخل السلطة الحاكمة بقوة “حزب الله”، فكيف يمكن أن تتخلى عن هذه القوة؟
لقد دعا البطريرك الراعي الرئيس عون لتحرير قرار الشرعية ولكن يبدو أن الرئيس استطيب الإقامة في أسر الجمهورية لاعتباره هذا الأسر سرَّ استمراره في السلطة ولو في قفص على شكل قصر.
مع حالة كبتاغون وهبه ماذا يمكن أن يفعل وزير الداخلية؟ عن أي معابر يمكن أن يتحدث وفوق أي معابر يمكن أن يطير؟
حضرة السيد وزير الخارجية قبل أن تتحدث عن داعش في سهل نينوى وتدمر هل يمكنك أن تحرر جرود العاقورة؟ هل سلاح “حزب الله” هناك يشعرك بالأمان؟