كتب عمر البردان في “اللواء”:
في الوقت الذي يواجه لبنان مرحلة هي الأخطر منذ عقود، وفيما يتوسل الأشقاء والأصدقاء، للأخذ بيديه من أجل مساعدته للخروج من النفق، جاء تصرف وزير الخارجية والمغتربين شربل وهبه الذي تنحى عن منصبه مرغماً، بعد إساءته للمملكة العربية السعودية والدول الخليجية، ليكشف مدى إصرار الفريق الحاكم على تعريض مصالح لبنان واللبنانيين في الانتشار، وخاصة في دول مجلس التعاون، لمخاطر جمة لا يمكن التكهن حيالها، بالتداعيات التي ستلحق بمئات آلاف اللبنانيين المقيمين في الدول الخليجية، في وقت أحوج ما يكون لبنان في ظل ظروفه البالغة الصعوبة راهناً، إلى كل دعم من شقيق أو صديق، ليتمكن من الخروج من هذا النفق. لكن يبدو من خلال المواقف المشينة التي أطلقها وزير العهد وهبه ضد السعودية والدول الخليجية، أن الفريق الحاكم لم يتعلم من أخطائه، ويبدو مصراً من خلال الممارسة على الإمعان في تخريب علاقات لبنان الخليجية والعربية، وهو ما دأب عليه منذ وصول الرئيس ميشال عون إلى قصر بعبدا، وهو تاريخ بدء التردي غير المسبوق في تاريخ العلاقات اللبنانية الخليجية.
ويكشف عضو كتلة «المستقبل» النيابية النائب الدكتور محمد الحجار لـ«اللواء»، أن «ما قام به شربل وهبه يأتي في سياق مسار سياسي يتبعه العهد تجاه الدول العربية، والخليجية تحديداً. ولا يجب أن ننسى أن رئيس الجمهورية وفريق العهد من خلال السلطة الحاكمة، تجاهلا دائماً ما كانت تتعرض له الدول الخليجية من إهانات في كثير من المناسبات من جانب حزب الله وحلفائه، من دون اتخاذ أي موقف رافض أو مستنكر. وبالتالي يمكن القول أن تصرف وهبي، إنما هو استمرار لهذا النهج الذي كان يتبعه الفريق الحاكم»، مشدداً على «أنه لا بد من تغيير هذا النهج المتبع بما يدفع إلى تحسين علاقات لبنان مع الدول الخليجية التي لا يمكننا الاستغناء عنها، في ظل الظروف الصعبة التي يواجهها لبنان الغارق في أزمات لا عد لها ولا حصر».
ووسط تساؤلات عما إذا كانت رسالة رئيس الجمهورية إلى مجلس النواب، ودعوته إلى «التدخل» في موضوع تأليف الحكومة، محاولة للتعمية على الخطأ الجسيم الذي ارتكبه وهبه، فإن النائب الحجار، وإن كان يعطي الحق للرئيس عون في إرسال رسالة إلى مجلس النواب وفقاً للمادة 53، في فقرتها العاشرة، فإنه يشير إلى أن «الرئيس عون يحاول رمي مسؤولية تعطيل التأليف على رئيس الحكومة المكلف، في حين أن الجميع يعلم في لبنان وخارجه، بأن التعطيل له عنوان واحد هو فريق عون – باسيل، في إطار سعي هذا الفريق لحرف الأنظار عن الخطايا التي ارتكبت بحق لبنان واللبنانيين من رأس الدبلوماسية وهبه الذي كان يشغل منصب المستشار الدبلوماسي لرئيس الجمهورية»، مشدداً على أن «رسالة الرئيس عون تتضمن مخالفة دستورية، باعتبار أن الأخير يطلب من المجلس النيابي أن يحدد موقفاً، أو يقوم باتخاذ إجراء أو قرار مناسب من عملية تأليف الحكومة، علماً أن هذا الأمر فسره الدستور وأوضح آليته في المادتين 53 و64 اللتين عالجتا موضوع التشكيل».
ويضيف: «أنه وبعد تسمية النواب للرئيس المكلف لتشكيل الحكومة، وبعدما أودع رئيس الجمهورية تشكيلة وزارية، ليعطي رأيه فيها، فإنه لم يعد بعدها دور لمجلس النواب على هذا الصعيد، ولذلك يمكن القول أن رسالة رئيس الجمهورية التي أرسلها إلى المجلس النيابي ويدعوه من خلالها لوضع يده على ملف تشكيل الحكومة، أمر مخالف للدستور، باعتبار أن الرئيس عون يريد إقحام المؤسسة التشريعية في قضية ليست من صلاحياته، بل من صلاحية رئيس الجمهورية والرئيس المكلف، وهذا يتناقض مع مبدأ فصل السلطات».
ويشير إلى أن «أقصى ما يمكن لمجلس النواب فعله، هو أن يرفع توصية لا قيمة دستورية لها إلى أحد الرئيسين المعنيين». ويشدد على أن المطلوب من رئيس الجمهورية، إما أن يسهل التأليف، أو يحتكم إلى مجلس النواب، بتوقيع مراسيم التشكيل، فإما أن تنال الحكومة الجديدة الثقة، أو لا».
ويرى الحجار، أنه «في ضوء ممارسات فريق العهد، والإصرار على الثلث المعطل، فإن لا مجال للتقدم، وكأن هناك دفعاً للأمور نحو مزيد من التعقيد، وما رسالة عون للمجلس النيابي، إلا تأكيد على عدم الرغبة في حل الأزمة الحكومية»، مؤكداً أن «الرئيس المكلف لن يعتذر، لأن المعطل معروف، في ظل إصرار رئيس الجمهورية على الانقضاض على الدستور و«الطائف» في إطار عملية انقلاب لن يكتب لها النجاح».