IMLebanon

لبنان منهك أكثر من سوريا… فلماذا يبقى داعمو الأسد فيه؟

دعت الخارجية السورية أمس، المواطنين السوريين في المغتربات إلى التصويت في الانتخابات الرئاسية، اليوم الخميس “لتأكيد الانتماء للوطن الغالي والمشاركة في بناء سوريا المتجددة”، وخاطبتهم قائلة “ليكن شعاركم: من أجل سوريا سأشارك في الانتخابات الرئاسية”، مشيرة الى أن “ممارسة ذلك الواجب الوطني تشكل التأكيد الأبلغ على التمسك باستقلالية القرار الوطني، وإفشال كافة المحاولات الرامية لفرض الوصاية على السوريين، ورهن إرادتهم لمشيئة الأخرين”.

احدى الدول التي سينتخب فيها السوريون، هي لبنان. البلاد تحتضن منذ اندلاع الثورة في سوريا والتي سرعان ما انقض عليها النظام السوري لقمعها بالدم، فتحوّلت حربا قاسية ضروسا، العدد الاكبر من النازحين السوريين في العالم، وقد فاق المليون ونصف مليون نسمة… قيادة الجيش اللبناني اصدرت امس بيانا اشارت فيه الى ان “اعتباراً من الساعة 6.00 صباحاً ستجري الانتخابات الرئاسية السورية، وسيقوم الناخبون السوريون القاطنون في لبنان بالتوجه للاقتراع داخل سفارة بلادهم في اليرزة بالقرب من وزارة الدفاع الوطني، ولذلك تتخذ قيادة الجيش إجراءات أمنية وتدابير على طريق الشام في المنطقة الممتدة من الصياد وصولاً حتى الجمهور”، داعية المواطنين إلى التقيد بتوجيهات القوى الأمنية تجنباً للازدحام في المكان والزمان المذكورين. لكن المفاجأة – غير المفاجِئة – كانت في ان الناخبين لم يتقيّدوا بنظام او قانون او دستور، ولم يحترموا المناطق اللبنانية وحرمتها، بحسب ما تقول مصادر سياسية معارضة لـ”المركزية”، فتنقّلوا بباصات حاملين صور الرئيس بشار الاسد، نحو اليرزة، مستفزّين اللبنانيين – الذين لكل منهم شهيد سقط او خُطف على يد النظام السوري – في عقر دارهم.

على اي حال، تشهد بعض المناطق، كجبل محسن في طرابلس مثلا، حيث وجودٌ للعلويين، منذ اسابيع، مهرجاناتٍ انتخابية لمبايعة الاسد، والحث على النزول الى السفارة للاقتراع له. وهنا تشير المصادر الى ان كل مَن سيصوّت في الانتخابات العتيدة، يُعتبر مؤيدا للنظام السوري. فالاستحقاق شكليّ لا اكثر، معروفُ النتائج سلفا، ومحسومٌ لصالح الاسد بنسبة ستناهز الـ90%، كما العادة. فلا مرشحون فعليّون ولا انتخابات فعليّة، بل عملية تصويت صُوَريّة “مسرحيّة”، لا أكثر، بحسب المصادر، حيث سيتم التجديد للاسد بصفقة أبرمتها معه موسكو، ستتبلور معالمُها في المرحلة المقبلة، حيث يتردد انها تشترط أوّلا موافقتَه على إخراج “ايران” عسكريا وسياسيا من سوريا.

لكن لسنا في صدد مناقشة “الديل” هذا، تتابع المصادر. فما يهمّ لبنان اليوم، بعد ان انكسر ظهره وانهار اقتصاديا وماليا وبات على شفير “الزوال” ككيان، هو التخفيفُ بكل الوسائل الممكنة، من “الأثقال” التي تُضعِفه وتكبّده الخسائر. ولمّا كان النزوحُ السوري أحد اهمّ هذه الأثقال – وفق ما يقول العهد قبل معارضيه- فإن المصادر تشير الى ان كلّ من سيشارك من السوريين اليوم في الانتخابات، تسقط عنه تلقائيا صفة النازح ويُعتبر فورا مؤيدا للنظام السوري. وعليه، لا عوائق يجب ان تحول دون عودته الى بلاده. فمعارِضو النظام لن ينزلوا الى السفارة السورية، وهم يخشون اصلا العودةَ الى بلادهم، كون النظام يطاردهم ويعتقلهم، هذا إن لم يكن صادَر أملاكهم وممتلكاتهم في سوريا، من ضمن عملية ممنهجة يقوم بها الاسد لقلب التوازنات الديموغرافية – الطائفية – السياسية في البلاد، بما يناسب مصالحه.

العملية الانتخابية العتيدة يمكن ان تشكّل منطلقا للمباشَرة “عمليا”، في مسار العودة الطوعية دون تأخير. والتصويتُ للاسد يجب ان يكون في الوقت نفسه، جوازَ مرور لمَن يحملونه، للعودة الى سوريا، اليوم قبل الغد. فلماذا يبقى هؤلاء، بلا مبرّر او سبب مُقنع، في لبنان المنهار المنهك، ويستنزفونه أكثر، مالا ويدًا عاملة وبنًى تحتية، وينافسون اللبنانيين والنازحين الحقيقيين، على البضاعة المدعومة وعلى المساعدات الانسانية الدولية، فيما هم قادرون على العودة الى بلادهم ؟!