اعتبرت مصادر مطلعة على موقف بعبدا لـ”الجمهورية” أنّ “المواقف التي صدرت بعد توجيه الرسالة الرئاسية الى مجلس النواب من انّ الرئيس يريد تعديل «اتفاق الطائف» والدستور وغيره من الكلام الذي قيل مثله مراراً قبل توجيه الرسالة، تشير الى ان ثمة رغبة في التصعيد السياسي وليس البحث في الوصول الى حل كما يتمنى الرئيس من رسالته الى مجلس النواب”.
وقالت المصادر إنه حيال هذا الوضع وللخروج من الجمود “الرئيس وجّه الرسالة طالباً من النواب تحديد موقفهم من الوضع الذي وصل اليه الملف الحكومي، لأنّ الحريري سمّاه نواباً في الاستشارات لأنه لا يمكن ان يبقى الوضع كما هو، خصوصاً ان الحريري قدم تشكيلة حكومية للرئيس لا تتوافر فيها المبادىء التي حددها الرئيس وكذلك المعايير الميثاقية والتوازن والاختصاص وغيرها، وكلها بهدف تحقيق الشراكة الوطنية”.
واضافت انّ “الرئيس وجّه الرسالة بعد الجمود الذي اصاب عملية تأليف الحكومة نتيجة عدم حصول اي تقدم على هذا الصعيد وسفر الرئيس الحريري من حين الى آخر خارج لبنان، وعدم الرد على الدعوات التي وجّهها اليه للإجتماع معه والبحث في تشكيلة حكومية تحقق المشاركة الوطنية والميثاقية والتوازن والاختصاص”.
وأكدت المصادر انّ “هذه الحقائق اراد الرئيس ان يعرفها النواب لأنّ فريق «المستقبل» يحاول ان يصوّر الامور على غير حقيقتها خصوصاً انّ الحريري لم يتجاوب مع الدعوات التي وجهت اليه لتقديم تشكيلة من 24 وزيراً كما توافق الافرقاء نتيجة مساعي البطريرك الراعي وبري وجنبلاط، وحمل التكليف وصار يتنقّل فيه من دولة الى اخرى”.
الى ذلك، رأت أنه “من الواضح انهم يريدون نقل النقاش من نقاش دستوري علمي وموضوعي ووطني، الى نقاش طائفي ومذهبي غير سياسي. وهم يعملون على تطييف الرسالة الرئاسية لعدم مقاربتها بموضوعية لأنهم يعرفون ان كل كلمة وردت فيها حقيقة ولا لبس فيها، ويريدون نزع حق الرئيس في المشاركة في تأليف الحكومة ويريدونه ان يكون مجرد موقّع للمرسوم خلافاً لعبارة «بالاتفاق» الواردة في الدستور … هذا هو كل همهم إلغاء حق الرئيس في ان يكون شريكاً في التأليف”.
ولفتت المصادر الى أنه “الواضح من المواقف المعلنة ان الادعاء بأنّ الرئيس يريد ان يغير اتفاق الطائف والتنكر له، لا اساس لها من الصحة لأنّ كل ما طرحه في رسالته هو لحماية الدستور ووثيقة الوفاق الوطني، اي اتفاق الطائف، واذا كانت لديهم الجرأة فليثبتوا اين يوجد في الرسالة الرئاسية ما يشير صراحة او مداورة الى انّ الرئيس يتجاوز الطائف او ينتهكه. وكذلك، فإنّ القول ان الرئيس خالف الدستور هو قول مردود لأنّ كل كلمة في الرسالة الرئاسية استندت الى مواد الدستور وبنود وثيقة الوفاق الوطني، وبالتالي لا توجد اي مخالفة للدستور والرئيس صارح النواب بالواقع وينتظر منهم موقفاً لأنه لا يجوز استمرار الوضع على ما هو عليه خصوصاً في الظروف الراهنة التي تمر بها البلاد”.
وأشارت إلى انه «لا حاجة للتذكير بالدستور فهو يقول ان الرئيس يوقّع مرسوم التكليف، وتوقيعه أساسي في هذا المرسوم وفي إقالة اي وزير وفي اي تبديل يحصل في الحكومة، فكيف يريدون ان يوقع من دون ان يكون له رأي في ما يوقعه؟”
وتابعت: “فهل من المنطقي ان يتحمّل الرئيس مسؤولية توقيعه على المراسيم من دون ان يكون له رأي في مضمونها؟ ولذلك، ليس صحيحاً ان الرئيس هدف من الرسالة هو دفع النواب الى سحب التكليف من الحريري او تعديل الدستور او انتهاك الطائف وغير ذلك من الادعاءات. وان الرئيس يريد حلاً للأزمة القائمة وخرق الجدار الصلب نتيجة امتناع الحريري عن البحث في تعديل الصيغة التي أرسلها (صيغة 18). فالرئيس يريد ان يتحمل النواب مسؤوليتهم في معالجة الوضع لأنهم سمّوا الحريري.”
وعن قول البعض انّ الرسالة ستُحدث انقسامات داخل المجلس، اوضحت المصادر أنّ “الجميع يدرك ان المجلس منقسم اصلاً بين كتل موالية وكتل معارضة ولكل كتلة موقفها فكيف يكون الرئيس يريد احداث انقسام في المجلس؟”.
وختمت «انّ هذا الكلام هدفه حرف البحث في مضمون الرسالة الى مواضيع اخرى تحدث خلافات، في حين انّ المفروض على المجلس ان يقارب الرسالة الرئاسية من منظار تصحيح الخلل الحاصل في مسار تأليف الحكومة المجمّد».