Site icon IMLebanon

أرباح الحريري تتيح مبادرة جديدة؟

كتب وليد شقير في “نداء الوطن”:

إنتهاء الجلسة النيابية بالموقف الذي أعلنه رئيس البرلمان نبيه بري وقضى عملياً بتثبيت تكليف الرئيس سعد الحريري تأليف الحكومة، خلافاً لآمال رئيس الجمهورية العماد ميشال عون بأن تجرى محاكمة الحريري على تعطيل الحكومة وفق منطوق الرسالة الرئاسية، أدى إلى عكس الغرض من الرسالة بالكامل.

بدت مطالعة الحريري التفصيلية، السياسية والدستورية، مقنعة لمعظم الكتل النيابية التي كانت تعاطت مع رسالة عون على أنها تزيد التأزم ولا تتوخى إيجاد مخرج من الفراغ الحكومي بقدر ما ترمي إلى تحريض البرلمان على الرئيس المكلف. وهذا ما سهّل الخروج بالموقف الذي صاغه بري حول وجوب تسريع تأليف الحكومة بدل إضاعة الوقت بافتعال معارك حول الصلاحيات، لم يتوقف معظم ممثلي الكتل النيابية عند حيثياتها كما جاءت في الرسالة الرئاسية.

كما بدا أن سعي رئيس الجمهورية إلى الإيحاء للنواب بما عليهم أن يقوموا به، لجهة استمرار تكليف الحريري، وتدبيج النائب جبران باسيل في كلمته النظريات حول طريقة تأليف الحكومات وتوزيع الحقائب، وتبريره ما جاء في الرسالة عن أن رئيس الجمهورية لن يوقع على مرسوم حكومة قبل ضمان حصولها على الثقة، أثار معظم النواب في مصادرة حقهم بمنح الثقة أو حجبها. وهو ما ساهم مسبقاً في النفور النيابي من الأسلوب المراهق في التعاطي مع استحقاق دستوري للمؤسسة الأم دور رئيسي فيه، تكليفاً وإنجازاً، فبات لسان حال بعض النواب أنه بدلاً من أن يكون مجلسهم سيد نفسه، بات مطلوباً منه إلغاء نفسه.

والمفارقة أن ممثلي الكتل النيابية، وفي المقدمة بري تعاطوا مع ما قاله الحريري في حججه رداً على اتهامه بالعجز عن التأليف، وتأبيد التكليف، وبأنه يجعل رئيس الجمهورية “موثقاً” لتشكيلة الرئيس المكلف… على أنه ينطق باسم المؤسسة التشريعية ويدافع عن دورها بعد أن بدد الحملة عليه بأنه يقوض صلاحيات الرئاسة في روايته لوقائع الكثير من المداولات بينه وبين الرئيس عون، خلافاً لاستنتاجات الرسالة الرئاسية ولسردية باسيل لها.

إذا وقائع الجلسة النيابية لتلاوة الرئيس عون ورد الحريري عليها أظهرت تعاطفاً واضحاً من بري ومن معظم الكتل النيابية مع الحريري فإن الأخير خرج رابحاً بالنقاط، مع بري في مواجهة العهد وآلته السياسية الإعلامية. ويبدو أن “حزب الله” الذي سعى لدى حليفه باسيل وعون قبل الجلسة كي يتم تليين المواقف بحيث لا يحصل الصدام، لم يوفق في إقناع باسيل سوى بأن يعلن في كلمته أن ليس الهدف من الرسالة سحب تكليف الحريري. لكن النص المكتوب والخيارات التي تضمنها، كان أقوى من النفي الباسيلي.

وقائع الجلسة وخاتمتها دلت على صعوبة المخارج من المأزق. والاستنتاج بأن الفريق الرئاسي حقق فشلاً جديداً أتاح للحريري أن يظهر أكثر تماسكاً، لا يلغي الحصيلة السلبية بتلاشي إمكانية القيام بجهد للخروج من الفراغ. والفريق الرئاسي يسعى للإمعان في خوض المعارك الدونكيشوتية وأخذ بعضه يصور بأن ما حصل هو تحالف إسلامي في الجلسة ضد الموقع المسيحي، في وقت لم تؤيد أي من الكتل النيابية المسيحية، خصوصاً كتلة نواب “القوات اللبنانية” وتيار “المردة”، رسالة رئيس الجمهورية. يهيئ هذا الفريق لاستعادة المبادرة عبر فكرة دعوة عون إلى مؤتمر للحوار الوطني. وفي المقابل برزت دعوة البطريرك الماروني الكاردينال بشارة الراعي الحريري إلى المبادرة لتقديم تشكيلة حكومية جديدة. هذه الدعوة يفترض البعض بأن باستطاعة الحريري تثمير التضامن السياسي الذي لقيه بمبادرة من هذا النوع من موقع قوة.