جاء في “المركزية”:
بعد استماع مجلس النواب إلى رسالة رئيس الجمهورية ميشال عون حول مسار تأليف الحكومة الجديدة ومناقشتها، أعلن رئيس المجلس نبيه برّي في ختام الجلسة أن “المجلس اتّخذ الموقف وهو ضرورة المضي قدماً وفق الأصول الدستورية من قبل رئيس الحكومة المكلّف سعد الحريري للوصول سريعاً إلى تشكيل حكومة جديدة بالاتفاق مع رئيس الجمهورية”. بالتالي، تم تثبيت تكليف الحريري، وفُتح الباب أمام تأويلات عديدة مثل الحديث عن استقالات لنوّاب والاتّجاه إلى تعديل الدستور…
في قراءة للتطوّرات هذه، شدد المحامي ميشال قليموس في حديث لـ “المركزية” على أن “من حقّ رئيس الجمهورية عندما يرى ضرورة الحفاظ على المصلحة الوطنية أن يتوجّه برسالة إلى المجلس النيابي كي يتّخذ الأخير توصية أو موقفا أو إجراء أو قرارا سنداً للمادة 145 من نظامه. ولا يملك أحد حقّ مناقشة ما إذا كان يحقّ لرئيس الجمهورية إرسال الرسالة أم لا. وعلى المجلس النيابي أن يجتمع خلال ثلاثة أيام من تاريخ تلاوتها لمناقشة الموضوع، لكن لا يمكن أن تشكّل رسالة عون طلب تفسير أو تعديل الدستور، لأن للتفسير آلية معيّنة حتى لو لم ينصّ عليها الدستور، لكن قانون أو قرار أو موقف التفسير يتطلّب إجراءات تتناسب والموجبات الدستورية التي تؤدّي إلى تعديل الدستور”.
ولفت إلى أن “الرسالة لم تهدف إلى تعديل الدستور لكن هدفت، بصورة غير مباشرة، إلى اتخاذ المجلس النيابي موقفا حول تأخّر التشكيل”، مضيفاً “بالتالي الرسالة لم تؤدّ إلى النتيجة التي لربما كانت خلفها أي صدور موقف سياسي، لكن كان الموقف بتأكيد المجلس على ضرورة حثّ رئيس الحكومة على تشكيل الحكومة بالاتفاق مع رئيس الجمهورية”.
أما في ما خصّ آلية تعديل الدستور، فشرح قليموس “أنها لا تتمّ إلا بدورات نيابية عادية، ووفقاً لأكثرية نيابية ومشروع قانون تعديل دستوري ترسله الحكومة لكنّها مستقيلة اليوم، بالتالي لا يحقّ لها دستورياً المشاركة في إجراءات أي تعديل دستوري”، مشيراً إلى أن “عدم حصول أي اتّفاق بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة في ظلّ عدم وجود نصّ دستوري يعطي الحلّ ، يجعل الوطن في أزمة دستورية قد تؤدّي إلى أزمة وطنية وأزمة حكومة وحكم، وهذا ما لم يهدف واضعو الدستور إلى إجرائه كونهم اعتبروا أن تطبيقه ينطلق من حسن النية والثقة بين الرئيسين”.
ورأى أن “أي مشروع حوار حول تعديل الدستور يجب أن ينطلق من إيجاد مخرج لمأزق التعطيل الذي يواجهنا كلّ فترة منذ عهد الرئيس سليمان فرنجية حتّى اليوم، حيث تعدّد التعطيل خلال فترات تشكيل الحكومات وعلقنا في أزمة فراغ رئاسي، نظراً إلى عدم وضوح الأكثرية المطلوبة لانتخاب رئيس جمهورية من بعد الجلسة الأولى. بالتالي، المصلحة الوطنية تقضي بإيجاد مخرج للثغرات الدستورية هذه على صعيد ممارسة دور رئيس البلاد في عملية تكليف رئيس حكومة وكذلك على صعيد تأليف الحكومة إلى جانب سدّ الفراغ في سدّة الرئاسة إذا لم يجتمع المجلس لانتخاب رئيس”.
وعن الحلول الممكنة، أوضح قليموس أنها متعدّدة، لافتاً إلى أن “لا يمكن إبقاء الوطن في حالة فراغ في ظلّ هذا المأزق وفي ظلّ أزمة اقتصادية، اجتماعية، أمنية، وطنية، سياسية… إذ تكون المصلحة السياسية الفئوية تُغلَّب على حساب مصلحة الوطن، في حين أننا لا نعيش أحوالاً عاديةً لممارسة التشنّجات والحسابات السياسية”، متمنياً على الحريري “الخروج بتشكيلة وفقاً لمبادرة رئيس مجلس النواب نبيه برّي التي قد تكون مدعومة دولياً وعربياً ووطنياً، لإعادة طرح تشكيلة تنطلق من المواصفات المستقلّة واللاحزبية للوزراء لمواكبة الاستحقاقات النيابية والرئاسية والظروف الاقتصادية. وفي حال لم تسر الأمور بالشكل المطلوب، يجب طرح مشروع تعديل دستوري على طاولة الحوار الوطني يهدف إلى إيجاد مخرج لتأليف الحكومة ولكافة الأزمات الدستورية”.