Site icon IMLebanon

“كلمة سرّ” نصرالله: “ترشيد الدعم” لباسيل

جاء في نداء الوطن:

بدا جليًا من الحفاوة الرئاسية الفرنسية بزيارة قائد الجيش العماد جوزيف عون، أنّ الرهان الخارجي المعقود على مسؤولية جنرال اليرزة في الحفاظ على الاستقرار في لبنان بات أكبر من الرهان على جنرال بعبدا وكل أركان المنظومة السياسية الحاكمة التي بينت للعالم أجمع انعداماً فاضحاً للمسؤولية وأثبتت بتعطيلها المشهود للمبادرة الفرنسية الإنقاذية أنها لا تقيم وزناً لمعاناة اللبنانيين، ولا تعير أولويةً لأي مصلحة وطنية على حساب أولوياتها الشخصية ومصالحها التحاصصية التي حالت دون تشكيل حكومة تخصصية إصلاحية تتيح كبح جماح الانهيار… وهذا ما أعاد التأكيد عليه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خلال استقباله العماد عون، مشدداً على “شرط” تشكيل “حكومة قادرة على تنفيذ الإصلاحات لتقديم مساعدات دولية” للبنان.

ورغم أنّ المناورات والمناوشات العونية المتصاعدة في أكثر من اتجاه، رئاسي وسياسي وقضائي، لا تشي بأي تغيير يُرتجى في ذهنية إدارة البلاد، غير أنّ مصادر مواكبة للملف الحكومي رأت أنّ “هامش التعطيل بدأ يضيق جدياً وأصبح محاصراً ومحصوراً ضمن إطار حيّز محدود يمكن تخطيه وتذليل عقباته في حال صدقت النوايا التي عبّر عنها الأمين العام لـ”حزب الله” حسن نصرالله إزاء منح التفويض الكامل لرئيس مجلس النواب نبيه بري بإيجاد مخرج سريع لمعضلة التأليف”، موضحةّ أنّ كلام نصرالله بهذا المعنى اختزن في طياته “كلمة سرّ” تؤكد لبري ضرورة تفعيل مبادرته و”المخاطرة بأمنه لو اضطره الأمر لزيارة قصر بعبدا”، مقابل التعهد بتقديم كل المؤازرة اللازمة لإنجاح مبادرته عبر “ترشيد الدعم” الذي كان ممنوحاً لرئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل في سبيل تأمين الغطاء لشروطه الحكومية.

وتوازياً، أعاد الروس تفعيل خطوط التواصل المباشر مع طرفي التشكيل، من خلال اللقاءين الذين عقدهما نائب وزير الخارجية الروسية ميخائيل بوغدانوف مع كل من موفد رئيس الجمهورية ميشال عون، أمل أبو زيد، ومستشار رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري للشؤون الروسية جورج شعبان، بغية إيصال “رسالة واضحة من موسكو بضرورة تأليف حكومة إختصاصيين بأسرع وقت من دون ثلث معطّل لأحد لأنّ الوضع في لبنان لم يعد يحتمل التأجيل وكل عواصم القرار أصبحت تحذّر من إنفجار قادم في البلد إذا لم يتم إيجاد حلّ سياسي سريع”، وفق ما كشفت مصادر واسعة الاطلاع في موسكو لـ”نداء الوطن”، موضحةً أنّ القيادة الروسية جددت التأكيد أمام الموفد العوني على أنه “لا بديل عن الحريري لتولي مهمة تشكيل الحكومة لأنه الأقدر على تأمين الدعم الخارجي لها”.

وفي المقابل، نقلت معلومات موثوق بها أنّ أبو زيد أبلغ المسؤول الروسي أن “التيار الوطني الحر” بات مقتنعاً باستمرار الحريري في مهمته، لكنه يطالب بإطلاق مبادرة روسية لإنهاء الفراغ الحكومي، فرفض بوغدانوف الفكرة مشدداً على أنّ بلاده لن تتدخل وتصاب بخيبة أمل مثلما حصل مع الجانب الفرنسي الذي حاول وجرى إفشاله. وعلى هذا الأساس كرر بوغدانوف مطالبة فريق الرئاسة الأولى بتسهيل قيام الحكومة برئاسة الحريري من دون أن يحصل أي فريق فيها على الثلث المعطل “وسواءً منحتموها الثقة أم لا، دعوها تعمل لإنقاذ البلد”، فما كان من أبو زيد إلا أن طمأنه إلى أنّ “الأمور تسير نحو الحلحلة وهناك شيء ما قد يحصل الأسبوع المقبل على مستوى حلّ بعض العقد المتبقية من خلال تكثيف حركة الإتصالات الداخلية لإحداث خرق في المشهد الحكومي”.

لكن ورغم تطمينات أبو زيد، أكدت مصادر مطلعة على الموقف الروسي أنّ موسكو لا تزال غير واثقة من إقدام باسيل على تذليل العقبات أمام ولادة حكومة التكنوقراط، لا سيما وأنّ هناك استياءً روسياً من إدلاء رئيس “التيار الوطني” بتصريحات إعلامية مناقضة لما قاله أمام بوغدانوف في موسكو.

وكشفت المصادر أن الأخير ذكّر أبو زيد بأن باسيل كان قد أبلغه حين زار موسكو بأنّ “مشكلة تسمية الوزيرين المسيحيين الإضافيين في تشكيلة 24 وزيراً يمكن حلها إذا وافق رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية ورئيس مجلس النواب نبيه بري على أن يقترحهما الحريري، فلم يبد أي من بري وفرنجية اعتراضه على هذا الحل، ومع ذلك استمر باسيل في الرفض”. وأضافت: “كذلك ذكّر بوغدانوف أبو زيد بأنه كان قد اقترح على فريق رئيس الجمهورية بعيد انفجار مرفأ بيروت أن يصار إلى تشكيل حكومة تكنوقراط تكون مهمتها محددة زمنياً بفترة 6 أشهر لإنقاذ الوضع الاقتصادي وفق برنامج محدد، لكنّ الفريق العوني رفض الاقتراح، علماً أنه لو تشكلت حكومة كهذه منذ أكثر من 9 أشهر لما كان الوضع اللبناني تدهور إلى المستوى الحالي”.

وختم متوجهاً إلى موفد عون صراحةً بالقول: “أنتم لا تريدون الحريري، فتواصلون وضع العراقيل تلو الأخرى من منطلق رفضكم رئاسة الحريري للحكومة، وكلما حُلّت عقدة تنشأ أخرى وتصرون مواربةً على الحصول على الثلث المعطل”.