كتب محمد دهشة في نداء الوطن:
أكدت مصادر صيداوية لـ “نداء الوطن” ان مجموعات حراك “صيدا تنتفض”، بدأت في ما بينها، وبعيداً من الاضواء، سلسلة مشاورات لدراسة اعادة تفعيل حراكها الاحتجاجي بعد انحسار فيروس “كورونا” وتراجع اعداد الاصابات والوفيات، ولكنها لم تحسم قرارها بعد في تحديد الوقت، بانتظار الساعة الصفر، قد يكون رفع الدعم عن المواد، وسط توقعات بأن يشكل ذلك “تسونامي” من الغضب الشعبي يعيد ملء الساحات واحياء “انتفاضة 17 تشرين”.
ووِفق ناشطين في الحراك، فـ”إن السؤال لم يعد ان الازمات المعيشية والاقتصادية والمالية التي أرهقت اللبنانيين باتت تنذر بانفجار اجتماعي، بل متى يحصل هذا الانفجار، بعد الانهيارات المتتالية وعلى كل المستويات، من الغلاء وارتفاع الاسعار ارتباطاً بسعر صرف الدولار، وصولاً الى فقدان المواد الغذائية والاستهلاكية والادوية وشحّ البنزين والمازوت والسير نحو الظلام الدامس في وقت قريب”.
وتوقع الناشط سهيل الصوص لـ”نداء الوطن” ان تكون المرحلة القادمة حافلة بالتطورات، “اذ لم يعد بمقدور الناس الصبر على الفقر والجوع والمرض معاً، فيما السلطة تمارس الاعيبها مثل موج البحر تعلو وتنخفض برفع الدعم او ابقائه”، مشيراً الى أن “تسونامي” من الغضب ينتظرها في ظل الفراغ الحكومي وفشل تشكيل الحكومة العتيدة”، كاشفاً “ان آراء الحراك مختلفة بين من يدعو الى النزول الى الشارع، وبين الانتظار قليلاً لرفع الدعم، وبين من يطالب بإنشاء حكومة ثورية تكون خارج القيد الطائفي وبعيداً من اي محاصصة، فالرهان على ذات الطبقة سيكون فاشلاً ولن يؤدي الا الى المزيد من الانهيار”. واذ وصف الوضع بأنه “كارثي”، قال: “الانهيار المالي والاقتصادي والمعيشي مرعب، ولم يعد احد يثق بأركان الدولة ولم يتوقف الأمر عند رفض تقديم مساعدات، بل حتى القروض والهبات باتت مشروطة بالاصلاح ومحاربة الفساد”، معتبراً ان “كل الحلول المطروحة مجرد ابر بنج سرعان ما ينتهي مفعولها لنصحو على واقع اشدّ مرارة”.
مقابل الحراك، التزمت مختلف القطاعات النقابية والعمالية والمرافق والمصالح التابعة لها ومعلمو المدارس الرسمية والخاصة وموظفو الادارة العامة بالإضراب تنفيذاً لتوصية الاتحاد العمالي العام وهيئة التنسيق النقابية وروابط الادارة والمعلمين، حيث بدا أكثر من خطوة تصعيدية لتحقيق المطالب، الى ما يشبه الإنذار الأخير الذي يسبق الانفجار، وبالون اختبار للغضب الشعبي.
وأوضح رئيس اتحاد نقابات العمال والمستخدمين في صيدا والجنوب عبد اللطيف الترياقي لـ”نداء الوطن” ان إضراب صيدا والمناطق “هو مثابة رسالة تحذيرية بأن الانهيار تجاوز كل الخطوط الحمر، وباتت حياتنا تقوم على الطوابير للحصول على أبسط مقومات الحياة: من الدواء الى الخبز والبنزين وسواها، وهو بداية لتحركات احتجاجية مفتوحة بعدما وصلت الأوضاع الاقتصادية والمعيشية الى نقطة اللاعودة”، ولن تقتصر على الاعتصامات في المرحلة المقبلة”، مشدّداً على “اننا نعمل اليوم على توحيد الجبهة العمالية لمواجهة المرحلة المقبلة بموقف موحد ومنسق”، مشيراً الى ان “مطالبنا واضحة، وهي تشكيل حكومة بأسرع وقت ممكن ووقف الانهيار، عدم رفع الدعم قبل ايجاد البديل، تصحيح أجور العمال والموظفين ووقف الصرف الكيفي، ضبط التهريب وسعر صرف الدولار الاميركي”، مضيفاً “كنّا نراهن على الحوار الاجتماعي الذي يرتكز على ثلاثية التمثيل، الدولة والعمال واصحاب العمل، فالدولة غائبة كلّياً والحكومة ليست لتصرّف الاعمال بل لصرف الموازنات، واصحاب العمل بين اقفال لمؤسسات وتعثّر لأخرى والعمال متروكون لمصيرهم، لذلك لم يعد لدينا خيار الا التعبير عبر الشارع باعتصامات سلمية لنطلق صرخة واحدة ونقول كفى”.
ولفتت في الاعتصام الذي نظّمه الاتحاد في باحة بلدية صيدا، المشاركة الواسعة لمختلف ممثلي هذه القطاعات الى جانب الاتحاد، وتحدّث فيه الترياقي، عضو مجلس بلدية صيدا محمد قبرصلي، رئيس جمعية تجار صيدا وضواحيها علي الشريف، رئيس فرع نقابة المعلمين في الجنوب اسامة ارناؤوط ورئيس فرع الجنوب في رابطة التعليم الاساسي محمد فقيه.
واعتبر الشريف “ان القدرة الشرائية انخفضت الى ما يزيد عن 80 %، فلا صاحب المؤسسة قادر ان يبيع ولا الموظف قادر ان يعيش، مسؤولية الدولة وقف الانهيار ولا حل الا بحكومة جديدة من الاخصائيين وذوي الكف النظيف لتكون لها اتصالات مع الصناديق والدول العربية والدولية لننهض بالبلد مجدّداً، والا نحن ذاهبون اكثر، ليس الى المهوار، بل نحن اصبحنا في القاع والدولة تتفرّج علينا”.
وأعلن أمين عام نقابة معلمي المدارس الخاصة في لبنان وليد جرادي انه “في غياب اي مبادرة لانقاذ الوضع وتأخّر تشكيل حكومة تباشر بخطة اصلاحية تعالج القضايا المالية والاقتصادية سيكون للنقابة تحركات مستقبلية متتالية اشدّ ايلاماً تعلن عنها في حينها”.