IMLebanon

ما خلفيات الاهتمام الأميركي – الأوروبي بالجيش؟

جاء في “المركزية”:

خسرت فرنسا آخر رهاناتها على الطبقة السياسية في لبنان  كما على قوى التغيير وهيئات المجتمع المدني التي رأت فيها في مرحلة ما بعد الثورة أملاً كبيراً لقلب المعادلات وقيام الدولة الشفافة العادلة القوية. فبعدما ثبت بالوجه الشرعي للمسؤولين الفرنسيين وفي مقدمهم الرئيس ايمانويل ماكرون ان الطبقة السياسية في لبنان هي سبب العلّة والفساد والانهيار ولا امكانية لان يكون الخلاص على يدها، وجهت بوصلة آمالها نحو الثورة ومحركيها والقوى الطامحة للتغيير، فجاءت خيبتها كبيرة، نتيجة عدم توحد الثوار، قيادة ومشروعا وهو ما تأكد من خلال سلسلة الاجتماعات التي عقدها الرئيس ايمانويل ماكرون ووزير خارجيته جان ايف لو دريان مع ممثلي المجتمع المدني وهيئات الثورة التي لم تتمكن بعد عام وسبعة اشهر على انطلاقتها من توحيد الرؤية والائتلاف في بوتقة واحدة تكفل نقل البلاد الى مرحلة جديدة.

ازاء هذا الواقع، تولدت قناعة فرنسية، وفق ما تقول مصادر دبلوماسية غربية لـ”المركزية” تلاقت مع التوجه الاميركي، بأن خشبة الخلاص الوحيدة تتمثل في المؤسسة العسكرية التي ما زالت تجمع حولها اللبنانيين، وعليها يمكن التعويل لمنع تهاوي ما بقي من اسس الدولة وفي شكل خاص الاستقرار الامني. من هذه النقطة بالذات، تمكن قراءة زيارة قائد الجيش العماد جوزيف عون الى باريس، خلفيات وابعاد، واسباغها بهذا الكمّ من الاهمية التي تجلت في استقباله في قصر الاليزيه والحفاوة البالغة التي طبعت مجمل محطاتها، كما المواقف الفرنسية منها، لا سيما الصادرة عن ماكرون الذي شدد على “أهمية دعم الجيش اللبناني لما في ذلك من استقرار للبنان”.

وما بعد الزيارة، تضيف المصادر ثمة الكثير سيظهر على ارض الواقع من دعم اوروبي-اميركي- عربي للجيش اللبناني لكسب الرهان عليه. من المؤتمر المزمع عقده لتأمين المساعدات للأجهزة العسكرية والامنية الى المساعدات العينية الشهرية المنوي تقديمها لعناصر وضباط هذه الاجهزة حفاظا على الاستمرارية والوحدة والتماسك في مواجهة الضائقة الاقتصادية والاجتماعية وما قد يتأتى من مفاجآت ومضاعفات نتيجة الازمات. هذا الجيش وقائده هو الضمانة للمرحلة الانتقالية المقبلة لصون الاستقرار وضبط الحدود السائبة بما يقفل نافذة التهريب على اشكاله، من المواد الغذائية الى السلاح والمسلحين بين طهران الى بيروت، وما يعني ذلك على مستوى اضعاف الاطراف المسلحة وتقوية السلاح الشرعي، وتاليا منع الانهيار الشامل الذي يسعى اليه البعض،بحيث يتولى الجيش القوي المرحلة الانتقالية في انتظار ما ستفرزه التسويات الجاري نسجها لدول المنطقة من اليمن الى فلسطين والعراق وسوريا.

لماذا الجيش؟ توضح المصادر ان الاميركيين والفرنسيين يتجنبون تكرار سيناريو العراق بعد سقوط صدام حسين حيث تم حل المؤسسة العسكرية ودخلت البلاد في فوضى عارمة ما زالت تجرجر ذيولها حتى الساعة، وهم للغاية عازمون على مدّه بما تيسر وأمكن من مساعدات مادية وعتاد يسمح له بالاضطلاع بالمهام الجسام الملقاة على عاتقه، وهو شأن تتولاه واشنطن منذ مدة، وقد انضمت اليه فرنسا اليوم، حتى اذا ما تشكلت الحكومة وانطلق مشروع الانقاذ الاقتصادي يكون الجيش على أهبة الاستعداد لمواجهة اي طارئ وفرض الامن، منعا لاي استغلال من الجهات المتضررة، وكثيرة هي التي لا تريد القيامة للبنان في الداخل والجوار.