Site icon IMLebanon

السلطة تضع “المركزي” في بوز المدفع!

جاء في “المركزية”:

ما حذّر منه مصرف لبنان منذ اشهر، حين دقّ حاكمه رياض سلامة ناقوس الخطر، منبها المسؤولين السياسيين من ان احتياطاته بدأت تقترب من خطوطها الحمر، ومن أنه بعد فترة قصيرة، سيُضطر الى وقف دعم السلع الاولية، اي ان البلاد ستغرق في سيناريو أسود قاتم، ناصحا اياهم بالتحرّك سريعا لوقف التدهور الاقتصادي – المالي، عبر تسهيل تشكيل حكومة مهمة قادرة على نيل ثقة المجتمع الدولي وصندوق النقد… هذا السيناريو الذي ذهب التنبيهُ منه كصرخة في واد، تماما كما التحذير سابقا من تداعيات اقرار سلسلة الرتب والرواتب، بدأ اللبنانيون اليوم يلمسون مفاعيله المؤلمة.. ففيما السلع الغذائية المدعومة، من لحوم ودجاج ومعلّبات (…) لم تعد موجودة على الرفوف، وبينما بدأ التجار يبيعون كل ما خزّنوه وفق سعر صرف السوق لانهم لم يتقاضوا بعد مستحقاتهم من مصرف لبنان، وصلت الازمة هذه الى “الدواء”، متهدّدة البلاد بكارثة صحية استشفائية قلّ نظيرها.

امس، وعلى وقع تحذير اهل القطاع من انقطاع البنج وأدويةٍ كثيرة من الصيدليات، اوضح وزير الصحة العامة في حكومة تصريف الاعمال حمد حسن ان “لقاء عقده فريقٌ من وزارة الصحة في مصرف لبنان وسادته أجواء جيدة وثمة وعد للحصول على جواب سريع على فواتير تبلغ قيمتها 178 مليونا و400 ألف دولار وينتظر المستوردون كلمة تؤكد تغطية هذه الفواتير”، متمنياً على حاكمية مصرف لبنان “الإيفاء بالإلتزامات ليصار إلى صرف الدواء وتحريره من المستودعات إلى الصيدليات ابتداءً من اليوم على أمل حل المعضلة في يومين، لأن صرف الأدوية إلى السوق يحتاج إلى بضع ساعات وليس أياما”.

في المقابل، أعاد “المركزي” رفع الصوت، مخاطبا السلطة السياسية. فقد أصدر مصرف لبنان بياناً اشار فيه الى ان “الكلفة الاجمالية المطلوب من مصرف لبنان تأمينها للمصارف نتيجة سياسة دعم استيراد المواد الطبية، لا يمكن توفيرها من دون المساس بالتوظيفات الالزامية للمصارف، وهذا ما يرفضه المجلس المركزي لمصرف لبنان. بناءً عليه، يطلب مصرف لبنان من السلطات المعنية كافة ايجاد الحل المناسب لهذه المعضلة الانسانية والمالية المتفاقمة، خصوصاً أن الأدوية وباقي المستلزمات الطبية بمعظمها مفقودة في الصيدليات والمستشفيات، وقد أفاد وزير الصحة بشكل صريح وعلني أن هذه الأدوية متوافرة في مخازن المستوردين”.

كل هذا يحصل، وفق ما تقول مصادر اقتصادية لـ”المركزية”، فيما يعاني “المركزي” ايضا لفتح اعتمادات لبواخر النفط في شكل دوري، ما يخلق ازمة محروقات قاسية، بحيث يصطف اللبنانيون في طوابير طويلة يوميا لتعبئة البنزين. كما تنعكس هذه الازمة على التغذية بالتيار الكهربائي، اذ ان تأمين مصرف لبنان العملة الصعبة لدفع كلفة المحروقات من فيول وغاز لتشغيل المعامل، بات “كابوسا” بالنسبة اليه. وهذه الحلقة الجهنمية وصلت مفاعيلها الى مرفأ بيروت حيث البضائع المخزّنة مهددة بالتلف جراء انقطاع التيار، وهو الامر الذي دفع رئيسَ نقابة مستوردي المواد الغذائية هاني بحصلي، الى اصدار بيان تحذيري امس ايضا… والحبل على الجرار!

السلطة السياسية، بتقاعسها وإحجامها عن تشكيل حكومة وعن وضع خطة لترشيد الدعم ورفعه تدريجيا وعن ضبط الحدود المشرّعة “على مصراعيها” للتهريب، تدفع بالمركزي نحو استخدام احتياطه الالزامي اي اموال الناس، للاستمرار في الدعم. اي انها تضعه مجددا في بوز المدفع وتسعى لجعله كبش محرقة، محاوِلة تحميله وحيدا، عبءَ الازمة المالية الاقتصادية وحلِّها: فإما يَستخدم اموالَ المودعين للدعم، فيصبّون غضبهم عليه، او يوقف هذا الدعم، فترتفع اسعار كل شيء، من الدواء الى المحروقات الى الغذاء، هذا ان لم تنقطع هذه السلع جراء شحّ الدولار، فيغضبَ اللبنانيون عليه ايضا.

الا ان المصادر تؤكد ان البحث عن كبش محرقة و”أبلسةَ” المركزي، لن يبرّئا المنظومةً السياسية. فاللبنانيون كلّهم باتوا يعلمون ان المسؤولية الاكبر في ايصالنا الى “جهنّم” التي نتخبّط فيها، تقع على القوى السياسية التي “أفسدت” ونهبت وسرقت، ثم، تفرّجت وتتفرّج على المصيبة، من دون ان يرفّ لها جفن.. والمحاسبةُ الشعبية على هذه “الجريمة” آتية عاجلا ام آجلا.