Site icon IMLebanon

المياه تُكذّب الغطاس.. إنفاق الاحتياطي مستمر!

كتبت رنى سعرتي في “الجمهورية”:

رغم الإنذارات الجدّية لمصرف لبنان بعدم قدرته على مواصلة تمويل كلفة الدعم، إلا انّ انقطاع الادوية من السوق وتوقف الصيدليات قسراً عن العمل بدءاً من يوم الاثنين المقبل، سيدفع البنك المركزي الى تمويل ما قيمته حوالى مليار دولار من الادوية المدعومة التي سبق ان تم استيرادها وتنتظر الدعم في مخازن المستوردين او التي تم استيرادها وهي في طريقها الى لبنان.

رغم تأكيد مصرف لبنان في بيانه امس الاول على انه لا يمكن ان يموّل كلفة السلع المدعومة من دون المسّ بالتوظيفات الالزامية للمصارف، يستمرّ الانفاق مما تبقى من اموال المودعين حيث وقّع وزير المال في حكومة تصريف الأعمال امس 4 اعتمادات بقيمة 62 مليون دولار لشراء الفيول و»الغاز أويل» لمؤسسة كهرباء لبنان على ان تُرسل هذه الاعتمادات إلى مصرف لبنان للبتّ النهائي بدفعها. كما وقّع مشروع قانون معجَّل يرمي إلى إقرار البطاقة التمويلية وفتح اعتماد إضافي استثنائي لتمويلها.

في الموازاة، أعطى البنك المركزي موافقته لفتح اعتماد لـ3 بواخر فيول، بدأت التفريغ في اليومين الماضيين على ان تبدأ باخرة اضافية التفريغ الاثنين المقبل، في حين لا تزال هناك باخرتا فيول، على مصرف لبنان إيجاد الحلول لهما.

بالاضافة الى ذلك، أطلق البنك المركزي تجربة منصة sayrafa معلناً انه سيستمرّ في بيع الدولارات للمصارف المشاركة بسعر 12 الف ليرة لكل دولار ابتداء من الاثنين، علماً انّ المنصة في هذه المرحلة لا تقوم بتمويل ذاتها كما هو مرجوّ منها بل يتم تمويلها أيضا من احتياطات مصرف لبنان من العملات الاجنبية، كونها تقوم خلال الفترة التجريبية ببيع الدولارات فقط وليس بشرائها، مع الاشارة الى ان أحداً لن يُقدم على بيع دولاراته للمنصة بسعر أقلّ من السوق السوداء.

ومن أبواب الإنفاق المستجدّة مبادرة مصرف لبنان لإعطاء 50 ألف دولار (بالدولار والليرة) للمودعين الصغار والمتوسطين في نهاية حزيران، مع العلم ايضاً ان كلفة تمويل تلك المبادرة مقدّرة في ما يتعلّق بجزء السيولة النقدية بالدولار فقط، بحوالى 11 مليار دولار سيتم دفعها بالتوازي بين البنك المركزي (من الاحتياطي الالزامي) والمصارف.

في هذا الاطار، اعتبر خبير مالي دولي انّ خطوة مصرف لبنان لحلّ مشكلة صغار المودعين عبر إعطائهم 50 الف دولار (بالدولار وبالليرة) من المفترض ان تُعتبر خطوة في الاتجاه الصحيح، «إلا ان هناك نقاطاً عدّة ضمن تلك المبادرة لا تزال غير واضحة. كما أنه ليس من الواضح ما هي خطط مصرف لبنان للتعامل مع التضخم الذي سينتج عن تنفيذ هذا الاجراء».

ورجّح ان يتم تمويل كلفة هذه المبادرة في ما يتعلّق بالجزء الذي سيتم تسديده نقداً بالدولار من الاحتياطات التي يحتفظ بها مصرف لبنان، لافتاً الى انّ توزيع تلك المبالغ على المودعين سيتزامن مع اتخاذ الحكومة قرار رفع الدعم على معظم السلع، بما يشير الى أن خطة مصرف لبنان مصمّمة وتهدف الى امتصاص غضب الشارع الذي سينتج عن رفع معظم الدعم.

اضاف: إذا كانت خطة مصرف لبنان ستمنح كل مودع 50000 دولار (ليرة لبنانية والدولار) كمبلغ مقطوع في نهاية حزيران، فسيكون هناك ضغط تضخمي خطير نتيجة ضَخ ما يعادل 5.5 مليارات دولار بالليرة اللبنانية في الاقتصاد، «لذلك فإنّ خطة مصرف لبنان من المرجّح ان تنطوي على أكثر ممّا اعلن عنه البنك المركزي لغاية الآن».

ورأى الخبير الدولي انّ مصرف لبنان يسعى الى شراء مزيد من الوقت حالياً الى حين تَشكّل حكومة جديدة، وهو يعوّل من خلال المنصة التي أطلقها مؤخراً على امتصاص السيولة النقدية بالليرة من السوق لتحفيز سعر صرف الليرة تزامناً مع التعويل على ضَخ سيولة نقدية بالدولار في السوق من قبل المغتربين اللبنانيين وبعض السياح، ما قد يؤدّي كخطوة مؤقتة الى دعم سعر صرف العملة المحلية.

وختم مؤكداً ان ما يحصل في لبنان هو انهيار لكامل المقوّمات الاقتصادية والمالية والنقدية، ولم تعد تجدي الاجراءات العشوائية المُجتزأة التي يتم اتخاذها، ورغم دراية المعنيين بذلك، إلا انهم يستمرّون في اتخاذها لسبب وحيد هو تصوير أنفسهم على انهم يعملون على معالجة الأزمة او لجم الانهيار لتفادي ردّ فعل الشارع، «لكنّهم فعلياً يتسبّبون بأضرار إضافية أكبر».