كتبت رانيا شخطورة في “أخبار اليوم”:
في 25 شباط 2020 وافق لبنان على تولي شركة لازارد المالية دور المستشار المالي وكليري غوتليب دور المستشار القانوني بشأن سندات دولية وإعادة هيكلة الدين، وقبل وضع اي خطة او بدء اي اجراء لمعالجة هذه الازمة، اعلن الرئيس حسان دياب باسم حكومته، في 7 اذار 2020، قرار تعليق دفع سندات الأوروبوندز… وانتهى الامر هنا، وكأن رئيس الحكومة لم يدرك انه اتخذ اخطر قرار في تاريخ لبنان المالي… وفي الوقت عينه، وكما هو ظاهر حتى الآن ان المستشارين لم يحركوا ساكنا في معالجة هذا الملف، في وقت تعجز فيه الدولة عن اتخاذ اجراءات جذرية توقف هذا الانحدار الحاد في مالية الدولة.
في هذا الاطار يشرح الخبير الاقتصادي البروفيسور جاسم عجاقة في حديث لـ وكالة “أخبار اليوم” ان عدم دفع سندات اليوروبوندز هو خطأ كبير، لا بل اسوأ قرار في تاريخ لبنان دون اجراء اي اتصال او تفاوض او تواصل مع الجهات الدائنة.
ويشير الى انه بعدما دخل لبنان في صراع مع الولايات المتحدة في منتصف العام 2019 اتاه الرد فورا من خلال انزال عقوبات على جمال ترست بنك، وبالتالي بدأ لجم او حجب تدفقات الدولار الى الداخل، ولم يبق امام لبنان –حينها- الا مصدرا واحدا للدولار هو سندات اليوروبوندز.
وقال: حين يتم اعلان افلاس دولة فان هذا يعني وفق قانون الاسواق المالية ان المصارف والشركات والشعب وكل المؤسسات قد افلست ليس على مستواها كمؤسسة قائمة، بل لان الدولة مفلسة، وبالتالي فان كلمة “إفلاس” ليست كلمة عشوائية بل في المفهوم المالي هي التعثر عن دفع الدين.
وبالنسبة الى هذا الدين، يوضح عجاقة ان الدائنين الاجانب او من خارج لبنان يحملون 11،8 مليار دولار من اصل 75 مليارا كدين على الدولة اللبنانية بالدولار الاميركي، لذا السؤال الاساسي: لماذا ومن اتخذ قرار وقف تسديد السندات، والجميع يعلم ان قيمة الاستحقاق الذي كان من الواجب تسديده في 9 اذار 2020 هي 1،2 مليار الدولار، و60 % من هذا المبلغ يحمله دائنون محليون.
ويذكر في هذا الاطار ان الحل الذي طرح وقتذاك من قبل مصرف لبنان كان بتسديد الجزء الخارجي واعادة جدولة الجزء الداخلي من الاستحقاق، لكن هذا ما رفضته حكومة دياب، على الرغم من علمها ان 80% من الدين العام هو داخلي يحمله المودعون.
وهنا، يقول عجاقة لـ وكالة “أخبار اليوم”: الجريمة كانت بوقف آخر مصدر للدولار من خلال اعلان وقف سندات اليوروبندز، الامر الذي ادى الى الحؤول دون امكانية الاستدانة من جديد، معتبرا ان “الاشكالية الكبرى” تتمثل باقدام الحكومة على “ضرب الناس” باموالها لان 80% من ديون الدولة اللبنانية هي من اموال المودعين، وبالتالي حين تقول انها لا تريد ان تدفع فهذا يعني انها لن تدفع لمواطنيها، وهذا ما انعكس سلبا على مصدر الدولار وهو امر اساسي لتسيير شؤون الدولة، واخذ اوضح صورة له من خلال ما هو حاصل اليوم لجهة عدم القدرة على استيراد الادوية والمواد الغذائية والسلع الاستهلاكية. وقد اصبحنا امام “عزلة مالية للدولة اللبنانية” الاصعب من “العزلة السياسي ”
ويضيف عجاقة: وفق وكالة ستاندر اند بورز للتصنيف الائتماني وشركة msci -التي تصدر مؤشرات عن اسهم الشركات ومنها 3 مصارف وسوليدير، اصبح لبنان مصنفا stand alone market اي سوق معزول ماليا واقتصاديا، ويذكر ان احياء الثقة بالدولة اللبنانية مجددا لا يتوقف على دخول المال فقط، بل انها تبنى على مدى سنوات طويلة.
ويخلص عجاقة الى القول: قرار الحكومة في 7 اذار 2020 كان اخطر قرار تتخذه الدولة اللبنانية داعيا الى حصول محاسبة في هذا الشأن.
ومن يجب ان يتحاسب؟ يجيب: الحكومة اللبنانية او مستشاريها، ويبقى على القضاء ان يحدد المسؤوليات، مكررا ان ما حصل جريمة بحق الشعب اللبناني.
وانطلاقا مما تقدم هل يمكن ان يكون الحل ببيع موجودات الدولة اللبنانية؟ يرفض عجاقة مثل هذه الحلول، محذرا: من يهتم بها- وبالاستناد الى المعطيات المتوافرة راهنا – هم من الفاسدين ، لذا الحلّ بالشراكة بين القطاعين العام والخاص من خلال خصصة الادارة، او استخدام خبرة واموال القطاع الخاص على المنصة العامة، منها على سبيل المثال: المرفأ، المطار، الكازينو….