كتب غاصب المختار في “اللواء”:
أطل الرئيس المكلّف تشكيل الحكومة سعد الحريري صباح امس الاحد، عبر حسابه الخاص على «تويتر» ليقول: «يسعد صباحكم بالخير. كيفكم اليوم». وذلك بعد أخبار تم تداولها عبر مواقع التواصل الاجتماعي عن توقيف الحريري في الإمارات، فيما تشير بعض المعلومات الى انه انتقل من ابوظبي الى باريس في زيارة خاصة يعود بعدها الى بيروت خلال ساعات، من اجل متابعة مساعي ومقترحات الرئيس نبيه بري لتشكيل الحكومة ومعالجة الخلافات بين الرئيسين ميشال عون والحريري حول التشكيل.
وعلمت «اللواء» ان الحريري ابلغ معاونيه في بيروت ومنهم نائب رئيس تيار المستقبل الدكتور مصطفى علوش انه سيعود خلال 24 ساعة، بعدما تبلغ ما يتم ترويجه عبر مواقع التواصل. كما علمت ان اتصالاً جرى في الساعات الماضية بين الرئيسين بري والحريري لبحث الافكار الجديدة المطروحة لحل الازمة الحكومية. على ان يحصل لقاء بينهما قريباً. جاء ذلك بعد تسريب لائحتين جديدتين وضعهتما رئاسة الجمهورية تضمنتا توزيعتين لأعضاء الحكومة من دون اسماء لكن وفق التوزيع الطائفي للحقائب ومرجعيات تسمية الوزراء. وهو ما اعتبرته اوساط «تيار المستقبل» انه «دفع الأمور نحو أزمة جديدة، وان فريق رئيس الجمهورية يثير الاستفزازات كلّما اقترب الحلّ».
واشارت مصادر المعلومات إلى ان الحريري متجاوب مع مسعى بري، وان ما تم الاتفاق عليه حتى الآن حكومة من 24 وزيراً، يُفترض ألّا تتضمن ثلثاً ضامناً لأي طرف لا مباشرة ولا مواربة، وان يكون فيها وزيران مسيحيان مستقلان تماماً يتفق عليهما الرؤساء، تؤول على الاقل حقيبة الداخلية الى واحد منهما كما اصبح ثابتاً.
واعتبرت مصادر المستقبل عبر تسريباتها «أن التشكيلتين اللتين قدمهما رئيس الجمهورية إلىالبطريرك الماروني الكاردينال بشارة بطرس الراعي تشكّل نوعاً من الإستفزاز الإضافي، وسألت عن مدى جهوزية عون لقبول حكومة من دون ثلث معطل فيها». مشيرة الى ان التشكيلتين تتضمنان ثلثاً معطلاً بشكل ضمني من حيث اعتبار عون ان وزيري «الطاشناق» والنائب طلال ارسلان ليسامن حصته.
لكن مصادر متابعة عالمة باتصالات تشكيل الحكومة ومطلعة على موقف عون، تقول: ان ما تم توزيعه على انه تشكيلتين للحكومة اقترحهما الرئيس، هما «منهجية عامة للتشكيل وليستا صيغتين متكاملتين، وقد وصفهما عون بأنهما مسودتين تحتملان الكثير من التعديلات في المذاهب ومرجعيات التسمية مع الحفاظ على التوازنات المعروفة»، ولم تتضمنا اي اسماء لوزراء مقترحين كما يتبين من الملاحظات في نهاية المسودة.
واوضحت المصادر ان ما عرضه الرئيس عون مجرّد اقتراح لا يتضمن اسماء بل الحقائب وتوزيعها الطائفي ومرجعية تسمية الوزير لكل حقيبة، وهذا الاقتراح يسهّل البحث ويكون مادة للنقاش، وهو مماثل للمقترح او المنهجية اللذين قدمهما عون للرئيس سعد الحريري قبل نحو شهرين واكثر وفقاً للتوافق الذي تم وقتها حول حقائب السنّة والشيعة والدروز، لكنه يتضمن حقيبتين اضافيتين للمسيحيين متروك امر البت بهما للتوافق بين الرئيسين.
واشارت المصادر الى ان المنهجية التي اقترحها عون تتضمن اكثر من خيار لكل حقيبة بحيث يتم استبدال طائفة هذه الحقيبة بطائفة اخرى. وان الهدف من وضع المنهجية ان تكون مادة للبحث والنقاش وليس لتجديد الخلاف. لكن جرى تفسيرها كالعادة بطريقة خاطئة وتحميلها اكثر مما تحتمل.
واضافت: «ان الملاحظات التي وضعها عون في نهاية كل مسودة تقول: ان معظم توزيع الحقائب مستوحى من الاقتراحات التي قدمها الرئيس المكلف. وان هذا التوزيع يقوم على الأعراف والتوازنات المعتمدة والمناصفة المعمول بها بين فئات الوزارات، لتكون الوزارات موزعة بشكلٍ متساوٍ بين الطوائف، وعادل بين مرجعيات التسمية».
واوضحت المصادر ان الرئيس عون قصد التسهيل وتوزيع خيارات البحث، لا إضافة تعقيد او مشكل جديد، وهو امر يتوافق مع ما يجري من مساعٍ لتسهيل وتسريع التشكيل.
في المحصلة، لم تعد هناك خيارات اخرى امام الجميع سوى التوافق على تشكيل الحكومة، لأن البديل سيكون اعتذار الرئيس المكلف سعد الحريري، وانفجار الوضع الشعبي، واستقالة كتل نيابية من المجلس، مع عدم استبعاد احتمال تعذّر إجراء الانتخابات النيابية، ما يعني حصول فراغ حكومي وتشريعي ولاحقاً رئاسي ربما، وانفضاض الدول الشقيقة والصديقة عن لبنان وتركه يقلع شوكه بيديه، ما يوصل البلاد الى الانهيار التام على كل الاصعدة ومخاطره الكبيرة.