جاء في “العرب” اللندنية:
كشفت أوساط سياسية مقربة من رئيس الوزراء اللبناني المكلف سعد الحريري أن اللقاء الذي جمعه مع رئيس مجلس النواب نبيه بري لم يصل إلى إجابات واضحة بشأن الخلاف على الثلث المعطل.
وذكرت الأوساط أن الحريري لا يزال ينتظر إيضاحات وتطمينات بأن لا ثلث معطلا يمنح الرئيس ميشال عون وصهره رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل حرية التصرف في أي حكومة يمكن أن يشكلها وفق صيغة 24 وزيرا التي يقترحها رئيس مجلس النواب للخروج من الأزمة المتفاقمة في لبنان منذ أشهر.
وأكدت الأوساط أن الحريري يصر على معرفة لمن سيكون ولاء الوزيرين المسيحيين الجديدين في حال رفع عدد الوزراء من 18 إلى 24، وعلى هذا الأمر سيبنى على الشيء مقتضاه.
وصدر بيان مقتضب عقب استقبال بري للحريري في وقت كانت تترقب أوساط سياسية لبنانية انفراجة في التشكيل الحكومي. وذكر البيان أن “اللقاء الذي استمر ساعتين ناقش مسار تشكيل الحكومة والمراحل التي قطعتها”، مشددا على الأجواء الإيجابية التي حفل بها اللقاء، من دون الإعلان عن موعد قريب يجمع الحريري بالرئيس اللبناني ميشال عون.
وحرص الحريري عقب اجتماعه ببري على لقاء رؤساء الحكومات السابقين نجيب ميقاتي وفؤاد السنيورة وتمام سلام لوضعهم في إطار المحادثات التي جرت مع رئيس مجلس النواب.
وذكرت مصادر مقربة أن لقاء الحريري مع الرؤساء السابقين بحث أيضا فرضية الاعتذار وتقديم كتلة المستقبل استقالتها من البرلمان.
وأكدت المصادر أنه بعد المشاورات قرر الحريري صرف النظر مؤقتا، عن الاعتذار واستقالة نوابه.
وقال رئيس كتلة المستقبل فؤاد السنيورة في وقت لاحق «لا اعتذار للرئيس المكلف ولا استقالة من مجلس النواب وكل ما يحصل هو الهاء للناس ومحاولة ذر الرماد في العيون وكأن من يعطل هو الرئيس المكلف بينما من يعطل هو رئيس الجمهورية».
ويبدي الحريري اهتماما بأخذ مشورة رؤساء الحكومات السابقين، الذين يشكلون دعامة سياسية له في المواجهة المفتوحة مع رئيس الجمهورية وظهيره السياسي التيار الوطني الحر، لاسيما مع استشعار زعيم المستقبل تراجع الحماسة الإقليمية والدولية لتوليه المنصب.
وانتقد القيادي في تيار المستقبل مصطفى علوش الاثنين الموقف الفرنسي، وقال إن الفرنسيين وصلوا إلى مرحلة باتوا يتصرّفون بمسألة الحكومة مثل اللبنانيين “إذا ما ظبطت هيك (نجحت هكذا) خلينا نظبطها هيك”.
وأضاف علوش موجها كلامه للمسؤولين في باريس “لا يمكنكم أن تدفعوا أحدا ليأخذ مواقف معيّنة ويتمترس وراءها ثم تقولون له أنا سحبت المتراس دبّر حالك”.
وتولت فرنسا منذ استقالة حكومة حسان دياب في أغسطس الماضي رعاية جهود تشكيل حكومة جديدة، وعرضت مبادرة في هذا الإطار تقوم على تأليف حكومة اختصاصيين بعيدا عن الأحزاب، تتولى الإصلاحات المطلوبة من قبل المجتمع الدولي.
وحاولت باريس توفير غطاء للحريري الذي كلف بمهمة التشكيل الحكومي في أكتوبر الماضي على إثر اعتذار السفير مصطفى أديب، لكنها سحبت هذا الغطاء مؤخرا مع إبدائها استياء من انجرار رئيس الوزراء في سجالات مع رئاسة الجمهورية، معربة عن يأس من تحقيق أي اختراق في هذا الملف.
واستلم بري جهود إنعاش فرص تشكيل الحكومة العتيدة بعد أن نجح مؤخرا في تفادي انفجار سياسي بين رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء المكلف، بسبب رسالة عون لمجلس النواب التي حاول من خلالها تحميل الحريري مسؤولية الفشل في تشكيل الحكومة.
وقد شكل هذا النجاح حافزا لبري لإعادة إحياء مبادرته التي سبق أن تقدم بها لتشكيل حكومة “دون ثلث معطل”، لكن الأجواء حتى الآن لا تبشر بإمكانية تحقيق أي نجاح، وبات سيناريو إجراء انتخابات مبكرة الفكرة الأكثر ترجيحا وواقعية.