أدار رئيس المجلس النيابي نبيه بري محركاته في اتجاه تحريك الملف الحكومي وإخراجه من عنق الزجاجة، إلا ان المعلومات المتداولة حول اللقاء الذي جمعه بالرئيس المكلف سعد الحريري متناقضة. ففي حين أكدت مصادر صحافية ان اللقاء كان ايجابيا، وصفت مصادر أخرى اللقاء بأنه لم يسجّل أي تقدّم على صعيد تشكيل الحكومة، حتى ان نائب رئيس تيار “المستقبل” النائب السابق مصطفى علوش قال في حديث متلفز اليوم ان “الاعتذار أصبح مطروحاً عند الحريري والخطوة نفسها على صعيد البرلمان، ليست ببعيدة، فالحريري “إذا وجد مؤشّرات تؤدي إلى طريق مسدود مع السلطة، فسيستقيل من المجلس النيابي”.
من جهة أخرى، أفادت المعلومات ان الحريري يعتزم تكثيف مشاوراته مع فريق عمله وكتلته النيابية وتفعيل قنوات اتصالاته للخروج بقراره النهائي وان القرار سيصدر في الساعات القليلة المقبلة. فلماذا كلما اقترب الحلّ تعود الى النقطة الصفر، وأين تكمن العقد الحقيقية؟
عضو “اللقاء الديمقراطي” النائب بلال عبدالله قال لـ”المركزية”: “لا زلنا في المربع نفسه، مربع عدم جهوزية المعنيين للتسوية. من الواضح ان هناك اصرارا على موضوع استكمال المحاصصة، خاصة الوزراء المسيحيين المكمّلين للوزراء الستة لرئيس الجمهورية. والاهم من ذلك، من الواضح ان هناك اصرارا على عدم الخوض في تسوية داخلية”.
وتابع: “كل المؤشرات كانت تدل الى ان مساعي الرئيس بري ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط ستؤدي الى “تطراية” جو من قبل الحريري وقد تكون حصلت هذه “التطراية” خلال الاربع والعشرين ساعة الأخيرة، لكن من الواضح ان الوضع كان أقسى من الجهة الثانية، ويبدو ان مسعى رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل مع الخليلين (المعاون السياسي للرئيس نبيه بري الوزير السابق علي حسن خليل والمعاون السياسي للأمين العام لحزب الله حسين الخليل) لم يُنتِج وكان اللقاء سلبياً، وهذا معناه اننا ما زلنا في المتراس نفسه ولم يتبدل الموقف، ما يحصل يدل الى عدم التحسس بخطورة وضع لبنان والحالة الاقتصادية الاجتماعية المزرية التي يعيشها المواطن، بل إصرار وتمسك بالانانيات والفئوية ولعب على حافة الهاوية”.
هل من عقبات خارجية؟ أجاب عبدالله: “واضح ان العقبات الاساسية داخلية”، سائلا: “ما الذي سننتظره من الخارج، هل بإمكاننا تغيير معادلاته؟ المطلوب إجراء تسوية داخلية وعندها يفرض لبنان نفسه خارجيا. ما يطلبه لبنان من الخارج هو القليل من الرعاية العربية من جديد وتسهيلات في المفاوضات مع صندوق النقد الدولي وغيره. ولكن هذا الامر يتطلب حكومة مع برنامج عمل”.
وعن الحديث عن حكومة “انتخابات” برئاسة تمام سلام او نجيب ميقاتي، قال: “هو كلام في الاعلام، لكنها لم تُطرح جدياً، حصولها يستوجب استقالات من المجلس النيابي، وهي تعني تقريب موعد الانتخابات لإعادة صياغة السلطة. لكنني اعتقد ان طرحها يدخل في إطار التهديد ولدفع الحريري الى الاعتذار. حتى أوساط “المستقبل” تحدثت عن الموضوع وربطت الاعتذار بالاستقالة من المجلس. باختصار المطلوب تسوية وتسهيل من الجميع”.
وعن زيارة جنبلاط الى فرنسا وروسيا قال: “تدخل من ضمن سياق الوساطة الروسية في المنطقة، فقد تواصلت روسيا واستقبلت كل القيادات اللبنانية وتتابع هذه اللقاءات. كما ان علاقة الحزب “الاشتراكي” مع روسيا تاريخية، والروسي اصبح لاعبا رئيسيا في المنطقة وليس ثانويا كما في السابق. جولات جنبلاط هي للتباحث إذ لا يمكننا ان نبقى في عزلة، البلد يختنق بسبب خياراتنا السياسية وتعنتنا الداخلي والعجز عن صياغة تسوية داخلية، أقله ان نحاور مع الخارج وان ننفتح على العالم”.