كتب رمال جوني في “نداء الوطن”:
حتّى السيارات دخلت في السوق السوداء، “شاطر ولاقي سيارة نضيفة، ترقيع وتلزيق”، وفوق ذلك أسعار خيالية. تحوّل سوق تجارة السيارة مصيدة باهظة الثمن للمواطن الذي بات مضطراً لشراء سيارة موديل الـ90 بأكثر من 30و35 مليوناً، وأسهمت منصّات تجارة السيارات عبر وسائل التواصل في التلاعب بالاسعار، التي تعتبر بمثابة فخّ بصورة برّاقة. فكل تاجر يطرح السعر الذي يناسبه، وغالباً ما تكون اسعاراً وهمية، فترتفع الأسعار، وعادة ما يرتكز التجار على العرض والطلب مستغلّين حاجة المواطن لسيارة 4 “سيلندر”، لمواجهة شحّ البنزين الذي يؤرق الناس أجمع. فلا أحد يريد أن يُذلّ أكثر على ابواب المحطات، وهذا دفع بكثر لبيع سياراتهم الـ6 “سيلندر” والبحث عن سيارة “وفيرة بنزين”، وهذا أسهم في رفع الأسعار.
لا حدود لهذا السوق، ولا حتى ضوابط، كل مواطن بات تاجر سيارات، فالأزمة المعيشية جعلت منه تاجراً يلعب في السوق وفقاً لرغبته في جمع المال، على حساب النوعية. “بالأصل ما في سيارات نظيفة”، يقول أحد التجار الذي يرى في هذا الكار منجم ذهب، فالسيارة التي كانت قبل شهرين بـ25 مليوناً اضحت بـ45 مليوناً، حتى أنّ بعضهم يزيد 10 ملايين دفعة واحدة بين ليلة وضحاها، وهذا الأمر يصفه التاجر “بالشطارة” ويراه “فرصة ذهبية لتحقيق الثروة، فالسيارات اليوم منجم ذهب، نشتري السيارات بتراب المصاري، ولو كانت بآخر عمرها، ونعيد ترقيعها ورشّها بويا وعرضها مجدّداً بسعر مضاعف ثلاث مرات، وطبعاً المواطن يأكل الضرب”.
سيارة خارقة، موتير وفيتاس توب، كيان خام، سيارة لقطة بس بـ40 مليوناً، هي عدّة التجّار لاصطياد الناس، وعادة ما يقع المواطن في الفخّ. يقول أحمد، وهو تاجر جديد فرضته الازمة: “الناس تريد المظاهر سيارة حلوي من برّا”، وهذا ما يعطيه فرصة للتمسّك بالسعر، اذ يؤكد أنه لا يتنازل عن السعر على الاطلاق، فالسعر ثابت لدى الجميع، والكل يبيع وفق سعر صرف الـ13 وليس اليومي، ويبرّر أحمد الأمر “الدولار عم يلعب، يكفي خسرنا أموالنا في المصارف نريد أن نعوّض خسارتنا”. وقع فارس ضحية هذه التجارة، عثر على سيارة خارقة عبر احدى المجموعات، وقصد التاجر للشراء، يقول: “عجبتني سيارة نيسان ميكرا موديل 2013، سعرها مقبول 4000 دولار، أكد لي صاحبها انها خام، وأن صاحبتها تريد بيعها بداعي السفر”. بحسب فارس “الصورة على الارض مختلفة، السيارة مرقّعة وتحتاج ثمن سيارة، بمعنى أدقّ التاجر يكذب علينا ونحن نصدّق”. يؤكد فارس أنه حين اشترى السيارة كانت الكارثة “فالموتور والفيتاس مضروبين، والميكانيك مش نضيف، أي أنني خسرت السيارة والمال، وطبعاً التاجر لا يعترف”.
كلما ازدادت أزمة المحروقات كلما كان التاجر يحقّق ارباحاً، كيف؟ الناس تبحث عن سيارة وفّيرة، وتبيع سياراتها بالرخص، ويؤدي الامر الى رفع الاسعار بشكل خيالي، على حسب قول فادي، تاجر سيارات الذي يؤكد أن سعر سيارة “تويوتا” موديل الـ97 بات بحدود الـ30 مليوناً، والـ”bmw” تخطّت الـ40 والـ50 مليوناً، أما الـ RAV4 موديل الـ1998 فبلغ سعرها 3000 الى 3500 دولار بعدما كان سابقاً بـ1500 دولار، ويضاف اليها عدم نظافة السيارة، فالناس وسط فورة الأسعار تبحث عن الرخص اذ أقل سيارة لا تقلّ عن الـ2000 دولار وهو ما اعطى التاجر فرصة إضافية للغش وتحقيق الارباح”. تقول سوسن أنها أعجبت بـ”رانج” في عكار، وِفق الاعلان فإنّ السيارة خارقة و”لقطة”، وبعدما اتصلت بصاحبها أخبرها أن الموتور “نصف عمره”، يحتاج الى صيانة ميكانيك وحدادة ودواليب، وكل ذلك والسعر الصدمة فالرانج بـ3000 دولار. وبحسب سوسن، من يضبط هذه السوق التي باتت فعلاً سوقاً سوداء يتحكّم بها تجّار همّهم الربح ولو على حساب تعب المواطن وجناه؟