كتب أنطوان الشرتوني في “الجمهورية”:
فشّة الخلق من أهم الطرق التي يمكن أن يستعين بها المراهق والراشد للتخفيف عن آلامه الداخلية والتي لديه صعوبة في التكلم عنها. ففي بعض الاحيان، يتوجه الراشد وخاصة المراهق لـ»فشة الخلق» تجاه الآخرين، لذا نلاحظ نوعاً من العدوانية الجسدية أو اللفظية عنده. كما يمكن أن تتخطى «فشة الخلق» هذه الحديث العدواني للوصول إلى المستوى الجسدي، كالضرب أو اللطم أو الخدش. لذا، زيارة الأخصائي النفسي ضرورية في كل هذه الحالات، خاصة عندما يشعر الراشد بضرورة «فشة الخلق» عند شخص محترف ويعرف كيفية إدارة المشاكل والإضطرابات النفسية، له أو لابنه/ابنته المراهق/ة. فما هي أهمية اللجوء عند الأخصائي النفسي؟ وكيف يمكن مساعدة المراهق أو الراشد في حاجته لاستشارة نفسية؟
ليس من المعيب التوجّه عند الطبيب النفسي أو الأخصائي النفسي لاستشارته. فلطالما كان هذا الموضوع (وما زال ولكن بوتيرة خفيفة) محور الشعور بالدونية والشعور بالشفقة للشخص الذي يقرر زيارة المعالج النفسي. ولكن بفضل تطور العلم، والتوعية حول هذا الموضوع، وإلغاء فكرة «العيب» لهذه الزيارات، أصبح العديد من الأشخاص، خاصة في السنوات العشر السابقة، يتوجهون إلى العيادات طلباً للمساعدة والتوجيه. وللتحدث عن أهمية الاستشارات النفسية للمراهق وللراشد، أجرت مكاتب «الجمهورية» مقابلة مع الأخصائية النفسية الآنسة «فرح الخيمي»:
المراهق والأخصائي النفسي
تفسّر الأخصائية النفسية الآنسة «فرح الخيمي» أنه يمكن أن نوجه المراهق عند المعالج النفسي «بدءاً من تقلب المزاج، مروراً بمشاكل الثقة بالنفس، وتشوّه صورة الجسد، وصولاً إلى القضايا المدرسية»، فيمر المراهقون بمشاكل مختلفة ومتعددة، ولكن في بعض الأحيان، قد ترتفع محنة المراهق إلى مستوى حيث يصبح من المهم طلب المساعدة المهنية. لا ينحصر العلاج أو المتابعة النفسية بالأحداث التي تغيّر الحياة أو بمشاكل الصحة العقلية الخطيرة. يمكن أن يساهم الاجتماع مع المعالج بضبط القضايا البسيطة ومنعها من التحول إلى مشاكل رئيسية. يمكن للمراهقين الاستفادة من الاجتماع مع أخصائي نفسي للتحدث عن مجموعة متنوعة من المواضيع، تشمل قضايا العلاقات والأسئلة حول الهوية الجنسية.
… والأسباب النفسية؟
تضيف الأخصائية النفسية «فرح الخيمي» بأنّ هناك بعض الأسباب التي تجعل المراهقين يذهبون إلى الأخصائي النفسي، وهي التالية:
– إضطرابات المزاج: التي تستمر سنوات، وإذا تركت من دون علاج، يمكن أن يعانيها هذا الشخص في مرحلة الرشد وتؤثر في حياته الشخصية والعائلية.
– القلق: من الطبيعي أن يقلق المراهقون في بعض الأحيان، إلا أن بعض المراهقين يعانون قلقاً شديداً أو قلقاً معمماً وصولاً إلى القلق الإجتماعي. يمكن أن يتداخل اضطراب القلق مع العديد من الجوانب المختلفة، بما في ذلك العلاقات العائلية والصداقات والمسائل الأكاديمية.
– السلوك العدواني: وهو من أعراض المشاكل الأكثر خطورة. يمكن أن يساعد الأخصائي النفسي في الكشف عن مشكلات الصحة العقلية المحتملة، أو نقص المهارات، أو المشاكل الاجتماعية التي قد تكون السبب في سلوك المراهق.
– المخدرات والكحول: وهي واحدة من المشاكل التي يمكن أن تواجه المراهق، وتستلزم المساعدة والإرشاد النفسي والمعالجة النفسية. هذه الأمور أساسية لهذه الفئة العمرية، فالإدمان يمكن أن يؤدي إلى مشاكل خطيرة لدى المراهقين. يمكن للأخصائي النفسي تقييم استخدام طفلك المراهق للمواد المخدرة والمساعدة في تحديد المسار الأنسب للعلاج.
– التنمّر أو ما يسمّى بالـBullying، والذي يمكن أن يكون مشكلة مزعجة للمراهق، وطبعاً هناك أسباب كثيرة خلفه، منها «عيش التنمّر» من شخص راشد، لذا ينقل هذا السلوك إلى شخص آخر.
– الثقة بالنفس: في حين أن معظم المراهقين يعانون مشاكل الثقة بالنفس من وقت لآخر، يواجه البعض مشكلات خطيرة في احترام الذات. عندما تترك هذه القضايا من دون معالجة، يكون المراهقون أكثر عرضة لمشاكل مثل تعاطي المخدرات والفشل الأكاديمي؛ يمكن أن يساعد العلاج في تعزيز احترام المراهق لذاته.
– هناك أسباب خطيرة يمكن أن يواجهها المراهق: فكرة الإنتحار أو الاعتداء الجنسي، يمكن أن تترك الأحداث المؤلمة تأثيراً على المراهق مدى الحياة.
وتعتبر الأخصائية النفسية «فرح الخيمي»، أنه إذا كان المراهق سريع الانفعال وحزيناً ومنسحباً، يجب التحدث إلى الأخصائي النفسي، فالتشخيص الدقيق والتدخل المبكر هما العنصران الرئيسيان للعلاج الفعّال.
موعد للراشد عند الأخصائي النفسي!
أما في ما يخصّ استشارة الراشد للأخصائي النفسي، فتعتبر «الخيمي» أنّه «في أي وقت يشعر الشخص أن نوعية حياته ليست كما يريدها أن تكون، يمكن أن يتجه نحو الأخصائي النفسي؛ بعض الناس يبحثون عن العلاج النفسي لأنهم شعروا بالاكتئاب والقلق أو الغضب لفترة طويلة. قد يرغب آخرون في المساعدة على تخطّي مرض مزمن يتدخل في رفاههم العاطفي أو الجسدي. البعض الآخر قد يكون لديهم مشاكل قصيرة الأجل أو يمرون بمرحلة صعبة وهم بحاجة إلى المساعدة… قد يمرون بالطلاق، أو يشعرون بالإرهاق بسبب وظيفة جديدة، أو يحزنون على وفاة أحد أفراد العائلة، أو يواجهون مشكلة في التواصل تعيق تقدمهم المهني والعلائقي. وتختم الأخصائية النفسية «فرح الخيمي» بأنّ هناك علامات ظاهرة يمكن أن يلجأ إليها الشخص الراشد عند الأخصائي النفسي، وهي:
– الشعور المطوّل بالعجز والحزن.
– لا تحسّن في حل المشاكل بالرغم من جهود الشخص الراشد ومساعدة العائلة والأصدقاء.
– صعوبة في التركيز على مهام العمل أو القيام بأنشطة يومية أخرى.
– قلق بشكل مفرط، ونظرة تشاؤمية للمستقبل.
– مشاكل في التعامل مع الآخرين أو مع العائلة، مشاكل تبعية مثلاً: الكحول، تعاطي المخدرات، أو العدوانية.
الإختيار المناسب للأخصائي النفسي
بعد أن يقرر الشخص التوجّه عند الأخصائي النفسي لطلب الإستشارة أو المساعدة، من الضروري أن يكون الأخصائي النفسي شخصاً متمرساً وحائزاً على:
– إجازة ماستر بعلم النفس وليس غير اختصاصات. بمعنى آخر، يجب أن يكون الأخصائي النفسي مجازاً بدراسات عليا (ماستر 2) باختصاص علم النفس فقط وليس غيره.
– اذن مزوالة مهنة (على الأراضي اللبنانية) والتي يحصل عليها الأخصائي النفسي من وزارة الصحة.
كما يمكن للراشد أن يطرح على الأخصائي النفسي جميع الأسئلة التي تتعلق بطريقة العلاج والتقنيات التي سيستعملها. ومن المفترض أن تظهر مهنية الأخصائي النفسي من خلال المقابلة الأولى.