أصبح واضحاً كـ”عين الشمس”، للخارج كما للداخل، تقصّد السلطتين السياسية والنقدية استمرار الأزمة الإقتصادية. حيث خلص البنك الدولي في تقرير “مرصد الإقتصاد اللبناني لربيع 2021″، بأنه “لا بارقة أمل بتغيير تلوح في الأفق، نظراً إلى التقاعس المتعمّد عن اتخاذ السياسات الملائمة”. لكن، “على من تقرأ مزاميرك يا البنك الدولي!”. فأهل السلطة لم يرضوا برمي لبنان “عضمة”، بعدما “أكلوه لحمة”، وها هم يجهزون على ما تبقى من “هياكل المواطنين العظمية” مع انهيار الناتج المحلي إلى 33 مليار دولار، وتخطي نسبة الفقر 50 في المئة، ورزوح 40 في المئة من الشعب اللبناني تحت “نير” البطالة.
بغض النظر عن كل الأخطاء التي أوصلت للإنهيار، فان كل السياسات التي اتبعت منذ صباح 18 تشرين الأول 2019 ساهمت بتعميق المشكلة، “على مدى أكثر من عام، كانت السلطات اللبنانية تواجه وابل الأزمات المتعاقبة، لا سيما أكبر أزمة مالية وإقتصادية يشهدها البلد في زمن السلم، وكوفيد-19، وانفجار مرفأ بيروت… بسياسات غير ملائمة عمداً”، يقول التقرير. و”لا تعود هذه الإستجابات غير الملائمة إلى نقص في المعلومات أو إلى توجيهات خاطئة، بل هي نتيجة توليفة من عوامل عدة، أبرزها: الإجماع السياسي في الدفاع عن نظام إقتصادي مفلس، أفاد البعض لفترة طويلة جداً”.
فهل من كلام يقال بعد هذا التوصيف؟ وأكثر من ذلك، هل ستنجح هذه الطبقة التي ما زالت تتقاسم وتتحاصص بتأليف الحكومة في إخراج البلد من أزمته، التي صنفها البنك الدولي من بين الأزمات الثلاث الأكثر حدة عالمياً منذ العام 1857؟ الخبراء يجيبون بالنفي طبعاً. فالسياسات التي مورست طيلة الفترة السابقة ابتداءً من الدعم العشوائي والتخلف عن سداد الديون من دون مفاوضات، مروراً بتطيير خطة إعادة الهيكلة وتفشيل المفاوضات مع صندوق النقد وتمييع التدقيق الجنائي، ووصولاً لعدم البدء بالإصلاحات، وتحديداً في الكهرباء، وانعدام القدرة الشرائية وضرب الليرة…. سياسات هدفت إلى حماية مصالح الطبقة السياسية وبعض الطبقة المصرفية، ونقل عبء الأزمة بشكل كامل إلى كاهل المودعين والمواطنين. الأمر الذي يهدد بحسب البنك الدولي بـ”انهيار وطني منهجي تكون له انعكاسات محتملة على المستويين الإقليمي والعالمي”.