أكد الرئيس فؤاد السنيورة أن “الدستور اللبناني أولى رئيس الجمهورية الموقع الأسمى في لبنان لأنه ينبغي أن يكون الحامي والمدافع عن احترام الدستور”، وأضاف: “المشكلة الآن أن فخامة الرئيس هو من يخرق الدستور، وكأنه بات ينطبق على وضعنا ما قاله السيد المسيح: إذا فسد الملح فبماذا يملح؟”.
وأشار في حوار مع قناة الحدث إلى أن “رئيس الجمهورية يصر على انه يريد ان يسمي الوزراء المسيحيين، وهذا الامر لا ينص عليه الدستور اللبناني. والمشكلة كما تبدو الآن، أن رئيس الجمهورية بدو يوقف على خاطر صهره جبران باسيل. والرئيس قد قال يوما “علشان خاطر صهري بلا ما تتألف الحكومة”. ويبدو اننا اليوم وكأننا مثلما كنا في العام 2014، ففخامة الرئيس يمارس في هذه المرحلة موقع المعطل لتأليف الحكومة. هذا الامر قد أوصل لبنان إلى الانهيار الحقيقي ليس فقط في الثقة ولكن في الأوضاع المعيشية والاقتصادية والمالية”.
وشدد على أنه “ينبغي على رئيس الجمهورية أن يرتفع في أدائه وفي معالجاته الى الموقع الأسمى الذي ينظر من الزاوية اللبنانية ومن زاوية مصلحة جميع اللبنانيين وليس من زاوية طائفة من الطوائف أو لمصلحة فريق منهم. فهو رئيس للجمهورية اللبنانية وليس رئيسا للمسيحيين. ويجب ان يتصف بهذه الصفة وان يقوم بدوره الذي ينص عليه الدستور ولا ان يكون ممثلا لطرف من اللبنانيين.”
وردا على سؤال عن طرح استقالة الرئيس المكلف سعد الحريري، قال: “في نهاية الأسبوع الماضي كان للرئيس الحريري ظهور إعلامي في جلسة المجلس النيابي للنظر في رسالة رئيس الجمهورية، وقد أوضح الأمور، والآن بعد عودته من سفرته الأخيرة يسعى بجد لمتابعة دوره، وهو مهتم بتأليف الحكومة. إذا لا اعتذار ولا استقالة وهو منكب على عملية التأليف ومحاولة إعادة الأمور الى نصابها”.
أضاف: “أعتقد ان السجال بالاتهامات والمواقف العالية النبرة والسقف غير مفيد، والمطلوب من الجميع العودة الى التعقل ومبادرات حقيقية تبتعد برئيس الجمهورية عن موقعه كطرف ليتصرف كرئيس للبنانيين جميعا. وأنا أدعوه الى التبصر والحكمة في ما وصلت إليه حال البلاد، والنظر الى عهده ليقول ماذا أنجزت وماذا حققت، فيعيد تصويب الأمور لما فيه مصلحة لبنان واللبنانيين ولمصلحة إرثه الرئاسي”.
وعن مبادرة البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، قال الرئيس السنيورة: “نقدر كثيرا دور غبطة البطريرك ومسعاه لتأليف الحكومة، ولكن ليس دوره اقتراح أسماء أعضاء الحكومة، وهو قال ذلك شخصيا، وأن موضوع التأليف يعود لرئيس الحكومة”.
ورأى أن “غبطة البطريرك قد ذهب إلى رئيس الجمهورية وشرح له الأمر وحثه على العودة إلى احترام أحكام الدستور، وأعتقد ان المشكلة في أن رئيس الجمهورية يعمل لاسترجاع صدقية ومقبولية صهره جبران باسيل وإعادته الى المسرح السياسي اللبناني والدولي. وهناك طرف آخر يستثمر في وجع الناس ومعاناتهم، وأعني بذلك حزب الله الذي يتلطى وراء رئيس الجمهورية، ويحاول أن يقنع الناس بأنه يسعى لتأليف الحكومة، في حين أنه لا يريد إغضاب رئيس الجمهورية الذي يشكل مع التيار الوطني الحر الغطاء للحزب وسلاحه”.
وعما إذا كان قرار تعطيل تشكيل الحكومة لبنانيا أم أنه يأتي من طهران أو فيينا التي تشهد المفاوضات النووية، قال الرئيس السنيورة: “هناك من يوظف أوجاع اللبنانيين لصالح إيران من أجل تعزيز مفاوضاتها مع المملكة العربية السعودية ومع الولايات المتحدة الأميركية”.
وختم قائلا: “إن ما نشهده من مناوشات وطروحات من هنا وهناك ليس إلا وسيلة لإلهاء الناس بمعاناتهم وذلهم، فالدولة مخطوفة وقرارها الحر مخطوف والدستور اللبناني مخطوف. كما أن المسرح الخارجي الأساس هو بين إيران والولايات المتحدة وما يجري في فيينا، والمسرح الفرعي هو ما يجري هنا في لبنان من عملية تأليف الحكومة، والمسرح الداخلي هو قضية جبران باسيل وكيفية استعادة اعتباره ورفع العقوبات عنه. إن ما يجري الآن في لبنان هو تحميله وزر المشكلات الدولية والإقليمية، وهو ما لا طاقة له بها”.