جاء في “المركزية”:
فيما نبّه وزير الخارجية القطرية الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني اليوم من أنّ “الأزمة في لبنان مقلقة للجميع والبلد يعاني من وضع خطير”، لينضمّ موقفه هذا الى سيل من أجراس الانذار التي تقرعها يوميا العواصم الكبرى والمؤسسات الاقتصادية والمالية الدولية، محذّرة من الانهيار التام والشامل الآتي الى لبنان اذا لم تخرج الطبقة السياسية من صراعاتها وتسرع نحو تأليف حكومة إنقاذ.. رغم كل ذلك، لا دليل الى ان اي خرق سيتحقق في المدى المنظور في جدار ازمة التشكيل السميك.
وبحسب ما تقول مصادر سياسية معارضة لـ”المركزية”، فإن هذا الحائط آخذ في الارتفاع، سيما اذا نظرنا الى حرب البيانات اليومية بين الفريقين المعنيين بالتأليف، بعبدا وميرنا الشالوحي من جهة، وبيت الوسط من جهة أخرى. رئيسُ مجلس النواب نبيه بري يقول لزواره إن مبادرته التوفيقية لم تمت، وإن تعرّضت لضربات قاسية في اليومية الماضيين، وهو يصرّ على إبقائها على قيد الحياة ولو بالقوّة، لأن لا بديل منها. ووفق المصادر، فإن عين التينة ستستأنف، لا بل استأنفت في الساعات الماضية، مساعيها لإحياء وساطته، بالتنسيق مع بكركي، حيث سُجّل تواصل بينها وبين البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي، وكان تشديدٌ على ضرورة عدم الاستسلام للواقع التعطيلي “التصعيدي” بين الفريق الرئاسي وفريق الرئيس المكلف سعد الحريري، وبذل ما أمكن من جهود للذهاب نحو تشكيل حكومة.
لكن وفق المصادر، كل هذه النوايا، من الصعب ان تجد ترجمة عملية على الارض. ففي رأيها، عدنا الى المربع الاول حكوميا، ومن المرجّح ان تبقى عربة التشكيل متوقّفة داخله، ومعطّلة بالكامل. فالخلاف بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل من جهة، والرئيس الحريري، من جهة ثانية، ليس على مسألة وزير او اثنين، بل ثمة بعد شخصي للازمة: عون لم يعد يريد الحريري في السراي، والاخير يرفض نهائيا التنازل له حكوميا.
واذ تشير الى ان المعادلة القاتلة هذه، لا يمكن كسرها الا بتسوية جديدة بين الجانبين، تلفت المصادر الى ان بيت الوسط يرفض رفضا مطلقا هذا الخيار، ويعتبر انه دفع غاليا ثمن التسوية الرئاسية ولن يكرّرَ هذه التجربة. وتاليا، لن تكون هناك حكومة اذا بقي الحريري متمسّكا بتكليفه ولم يعتذر.
وعلى قاعدة “لا زواج بالاكراه”، حزب الله القادر على دفع حليفه البرتقالي الى تقديم تنازلات للتوافق مع الحريري، يحجم عن التدخل، وقد تعذّر على معاون الامين العام لحزب الله حسين الخليل ومسؤول وحدة الارتباط في الحزب وفيق صفا ومعهما المعاون السياسي للرئيس بري النائب علي حسن خليل، تذليل العقد الكامنة على خط ميرنا الشالوحي – بيت الوسط في لقائهم الاخير مع باسيل. على اي حال، تتابع المصادر، الضاحية لا تريد الضغط على رئيس “لبنان القوي”، ولا تريد إحراجه او اضعافه او التخلي عنه حكوميا، آخذة في الاعتبار امرين: الغطاء المسيحي الذي لا يزال يؤمنه له في هذا الظرف الحساس الذي تمرّ فيه المنطقة والذي ستطال مفاعيلُه حزبَ الله طبعا. والثاني، ان باسيل وُضع على لائحة العقوبات الاميركية منذ اشهر، لأنه حليف الحزب. فهل يرد له الاخير هذا الجميل، بتَركه وحيدا حكوميا؟!
في ظل هذه المعطيات، واذا لم يبدّل الحزب موقفه، أو يعتذر الحريري، او يفرض المجتمع الدولي حكومةٌ، فإن الشغور سيستمر، وسيبقى لبنان في الحضيض الاقتصادي والمالي والمعيشي والاجتماعي، تختم المصادر.