كتب عمر البردان في “اللواء”:
انفجار الخلافات على نحو غير مسبوق بين رئيس الجمهورية ميشال عون و«التيار الوطني الحر» من جهة، و الرئيس المكلف سعد الحريري و«تيار المستقبل» من جهة ثانية، أثار استياء كبيراً لدى رئيس مجلس النواب نبيه بري، بعد الإطاحة بمبادرته التي هدفت إلى حل مأزق تأليف الحكومة، الأمر الذي شرع الأبواب على المجهول، في ظل مرحلة شديدة الخطورة، بحيث لا يمكن التكهن معها بالنتائج التي ستترتب على الوقوع في المحظور بعد الفشل الذريع بتشكيل الحكومة، نتيجة الصراع المستحكم بين «بعبدا» و”بيت الوسط”.
وقد بدا أن الأجواء المحيطة بعملية التأليف بعد التصعيد بين الرئيسين عون والحريري، لا توحي بإمكانية العودة إلى سلوك طريق الحوار من أجل التوصل إلى تجاوز الأزمة الحكومية المستحكمة، ما سيفتح الباب أمام تطورات سياسية ستترك تداعياتها على البلد، في ظل تزايد الحديث عن استقالات نيابية مرجحة إذا لم تشكل حكومة في المرحلة المقبلة، وهو أمر يبدو متعذراً طالما بقي كل طرف متمسكاً بمواقفه، وغير مستعد لتقديم تنازلات من أجل مصلحة البلد والناس.
وتعتبر في هذا الإطار، أوساط نيابية بارزة في «تيار المستقبل»، كما تقول لـ«اللواء»، أن “العهد وفريقه يتحملان مسؤولية أساسية في وصول الأمور إلى ما وصلت إليه على الصعيد الحكومي، بعد رفض كل اقتراحات الصيغ الحكومية التي تقدم بها الرئيس المكلف. وهذا مرده إلى أن رئيس الجمهورية ومعه «الوطني الحر» لا يريدان الرئيس الحريري، رئيساً للحكومة، وهما لا يزالان يختلقان الذرائع لإبعاده عن الرئاسة الثالثة، وقد تناسيا أن الرئيس الحريري مكلف بتشكيل الحكومة من الغالبية النيابية، وليس في الدستور ما يشير إلى إمكانية سحب التكليف منه، كما يحاول العهد والدائرون في فلكه القيام به. وهذا يؤكد أن الرئيس المكلف لا يمكن أن ينصاع لرغبات الفريق «العوني»، وبالتالي سيبقى متمسكاً في وجهة نظره، لناحية تشكيل حكومة اختصاصيين، وإن أبدى استعداده لتوسيعها إلى 24 وزيراً، من أجل إفساح المجال أمام نجاح مبادرة رئيس المجلس النيابي”.
والسؤال الذي يطرح، هل أن مبادرة الرئيس بري قد دفنت بعد احتراق المراكب بين الرئيسين عون والحريري؟
تجيب مصادر نيابية في كتلة «التنمية والتحرير»، أن “من مصلحة الطرفين إبقاء مبادرة الرئيس بري حية، لأنها تشكل جسر عبور نحو تأليف حكومة، بعدما وصلت الأمور إلى نقطة اللاعودة، ما يحتم على جميع القوى السياسية، تسخير إمكاناتها من أجل أن ترى هذه المبادرة النور، سعياً لتجاوز هذا المأزق، وباعتبار أنها الوحيدة الموضوعة على الطاولة. وهذا ما يطرح تساؤلات عديدة عن أسباب هذا التصعيد بين الرئيس عون والرئيس الحريري، والذي في حال استمراره سيترك تداعياته حكماً على هذه المبادرة التي جهد رئيس المجلس من أجل أن تلقى قبولاً من الأطراف المعنية بعملية التأليف”.
وفي الوقت الذي يرى المقربون من البطريركية المارونية، أن طرح حكومة أقطاب الذي طرحه البطريرك بشارة الراعي من قصر بعبدا، يعتبر مخرجاً مناسباً من الأزمة القائمة، في حال تعذر تأليف حكومة اختصاصيين مستقلين، فإن مصادر «المستقبل» و«الثنائي»، لا زالت على موقفها القائل بأن “ظروف لبنان الاقتصادية المزرية، تستوجب وجود حكومة اختصاصيين مستقلة، باعتبار أن هذا هو مطلب المجتمع الدولي، لتقديم مساعدات للبنان بعد التزامه بتطبيق الإصلاحات المطلوبة للإنقاذ”.