لم يوجّه اي من الباباوات في الفاتيكان اهتماما على هذا القدر نحو اي بلد في العالم، كما يفعل البابا فرنسيس تجاه لبنان. هذا الامر ان دلّ الى شيء فالى قلقه وخوفه على مستقبل هذا الوطن عموما والوجود المسيحي فيه في شكل خاص. منذ عيد الميلاد الماضي لم يفوّت أي مناسبة إلا وعبّر فيها عن هواجسه، ان من خلال الرسائل التي بعثها الى البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي او الى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون او من خلال المواقف التي أدلى بها في الفاتيكان أمام السفراء المعتمدين الذين التقاهم او خلال لقائه الرئيس المكلف سعد الحريري او غيرها من المناسبات.
اليوم يتوّج البابا فرنسيس اهتمامه هذا بلقاء سيجمع رؤساء الطوائف المسيحية، حيث قال الاحد الماضي أمام المؤمنين المحتشدين في ساحة القديس بطرس: “سألتقي في الفاتيكان في الأول من تموز بالقادة الرئيسيين للجماعات المسيحية الموجودة في لبنان، ليوم تأمُّل حول الوضع المقلق في البلاد وللصلاة معًا من أجل عطية السلام والاستقرار. أوكل هذه النية إلى شفاعة أم الله المُكرَّمة في مزار حريصا، ومنذ هذه اللحظة أطلب منكم مرافقة الاستعداد لهذا الحدث بصلاة تضامنية، طالبين مستقبلاً أكثر سلامًا لهذا البلد الحبيب”.
اوساط مطلعة على الدعوة والمناسبة اكدت لـ”المركزية” ان اللقاء هدفه التشاور حول لبنان ووضع المسيحيين في الشرق، بما ان الدعوة موجهة حصراً الى رؤساء الطوائف الكاثوليكية والارثوذكسية واللاتين والبروتستانت، معتبرة انها خطوة مهمة على طريق مساعدة لبنان وإرساء الاسس لتثبيت المسيحيين في الشرق والعمل على اخراج لبنان من ازمته المستعصية.
وكشفت الاوساط ان رؤساء الطوائف استعانوا بخبراء لوضع دراسات حول المواضيع كافة لعرضها في الاجتماع، بخاصة أوضاع المستشفيات والمدارس والجامعات والمصارف. كما ان رؤساء الطوائف، بحسب الاوساط، ينسقون بين بعضهم البعض ويحضرون مواقفهم وافكارهم واقتراحاتهم التي سيعرضونها خلال اللقاء، ولا حاجة لهم لتحضير ملفات لأن الفاتيكان يملك كل الملفات حول لبنان . سيبحث المجتمعون خلال اللقاء قضية لبنان وكيفية انقاذه ووضع المسيحيين والمحافظة على وجودهم الحر وما الذي يمكن ان يفعله الفاتيكان في هذا الاطار، اما تفاصيل جدول الاعمال فغير متوفرة حتى الساعة.
وسيكون هذا اللقاء مناسبة للصلاة والتحدث والمناقشة وقد تصدر عنه توصيات، بحسب ما أفادت الاوساط، كما قد يكون أيضاً مناسبة لإطلاق الفاتيكان مبادرات جديدة، فهناك الحياد والمؤتمر الدولي والحفاظ على كيان لبنان في ظل المتغيرات في المنطقة، أو قد يقرر المجتمعون عقد سينودس حول لبنان اذا اقتضى الامر ذلك. واعتبرت الاوساط ان هذا اللقاء قد يكون بداية لتحرك فاتيكاني جديد.
وأكدت ان اللقاء سيعطي مزيدا من الزخم لمبادرة لبطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي ولطروحاته، خاصة وأنه من يحرك هذه القضية التي على اساسها يحصل التحرك الدولي، لافتة الى ان لا بدّ من مراقبة حركة الراعي بعد الاجتماع والخطوات التي سيقوم بها والجولات الخارجية، خاصة زيارته المرتقبة الى الولايات المتحدة الاميركية التي ينشط الللوبي اللبناني منذ الان في التحضير لها، وللقاء الرئيس الاميركي جو بايدن وكبار المسؤولين في الادارة واعضاء في الكونغرس وزيارة نيويورك لتقديم نسخة عن مبادرته الى الامين العام.
في المقابل، أكدت الاوساط ان البطريرك تلقى دعوات كثيرة من الحكومات والجاليات والرعايا، لكنه لم يقرر بعد متى يلبيها او من اين ستبدأ رحلته وإلى اي بلد سيتوجّه.