أبدى المجلس السياسي في “التيار الوطني الحر” قلقه الكبير من أن تؤدي المماطلة في تشكيل حكومة إنقاذية فعّالة الى بلوغ نقطة اللاعودة في مسار الإنهيار المالي وما ينتج عن ذلك من مخاطر معيشيّة وإضطرابات إجتماعية. وجدّد المجلس دعوة الرئيس المكلّف التشكيل الى القيام بواجباته الدستورية والوطنية فيقدّم تشكيلة حكومية تراعي الأصول الدستورية والقواعد الميثاقية ويتفق عليها مع رئيس الجمهورية لتأخذ طريقها الى الثقة في مجلس النواب، فتلتزم ببيان وزاري إصلاحي ينتظره اللبنانيون على قاعدة المبادرة الفرنسية ومتطلبات صندوق النقدّ الدولي. وإذ يؤكد المجلس إلتزام التيار بحكومة إختصاصيين وبرئاسة الحريري، فإنه يبقى منفتحاً على أي حكومة يتوافق عليها اللبنانيون لكنه يرفض قطعاً أي إنقلاب على الدستور بتخطي المناصفة الفعلية وتكريس أعراف جديدة بالحديث عن مثالثة مقنّعة يحاول البعض الترويج لها على قاعدة ثلاث مجموعات من ثماني وزراء يقود كلاً منها أحد المكونات الأساسية في البلاد، مع تأييده إستثنائياً لهذه المرّة، ألاّ يكون لأي فريق أكثر من 8 وزراء.
واستغرب المجلس “السكوت عن التطاول المُتكرر على مقام رئاسة الجمهورية، ويعتبر أن المسّ بهذا المقام يمسّ بكرامة الشعب اللبناني، كما يُثني على موقف غبطة البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي الرافض لهذه الإهانات المتكرّرة والواعي للمسؤوليات في عملية تعطيل تشكيل الحكومة والمشدّد على مواصلة الجهود لإزالة العراقيل من أمام التأليف”.
واعتبر المجلس، بعد اجتماعه الدوري إلكترونياً برئاسة النائب جبران باسيل، أنه في حال الإصرار على عدم تشكيل حكومة، وفي ضوء الإنحلال المتسارع في بنية المؤسسات، وامتناع الحكومة المستقيلة عن القيام بواجباتها في تصريف الأعمال بما تقتضيه المرحلة وأبسطها حلّ مشكلات الترابة والنفايات والمواد الأساسية، فإن خيار تقصير ولاية مجلس النواب سيصبح عملاً إجبارياً وإن كان سيتسبب بمزيد من هدر الوقت، فيما لبنان بأمسّ الحاجة للإسراع بإقرار القوانين الإصلاحية. وفي هذا الإطار يطالب المجلس السياسي الكتل النيابية بمناقشة إقتراح القانون الذي تقدم به تكتل لبنان القوي لترشيد الدعم وتوفير البطاقة التمويلية لتستفيد منها العائلات المحتاجة، وهذا من شأنه أن يوفّر للبنانيين شروط الأمن الغذائي والصحّي ويؤمّن المساعدة للفقراء، وبعض الأموال المُستحقة للمودعين، إضافةً الى تحقيق وفر كبير في أموال الدعم.
وجدّد المجلس اقتناعه بضرورة أن يدعو رئيس الجمهورية الى حوار تشارك فيه الكتل البرلمانية لبحث الخيارات والأولويات بالإصلاح وباستكمال تشكيل السلطة التنفيذية، والتصدي للتحديات المصيريّة التي يواجهها اللبنانيون، وهي تمسّ وجودهم وموقع بلادهم في ضوء متغيرات خارجية ستفرض قريباً أمراً واقعاً جديداً. ومن مصلحة اللبنانيين أن تكون لهم رؤية موحّدة في قراءَة المتغيرات، وموقف موحّد يجيب على الأسئلة التي يطرحها كل لبناني حول النظام السياسي والإقتصادي الأفضل في المرحلة الجديدة من تاريخنا.