كتب محمد دهشة في “نداء الوطن”:
لم تتوقف المبادرات الخيرية الفردية والجماعية على خط الازمات المعيشية والحياتية والصحية منذ بدء الانهيار الاقتصادي قبل عام ونصف تقريباً وتفشي جائحة “كورونا”، وهي تتلاءم مع كل مرحلة لسدّ احتياجات العائلات الفقيرة والمتعفّفة، وآخرها أزمة فقدان الأدوية من الصيدليات بعد ارتفاع اسعارها وعجز الكثير عن شرائها او تأمينها.
“صيدلية الخير” واحدة من المبادرات الخيرية الصحية في صيدا، تحمل عنوان التكافلُ والتضامن الاجتماعي أسسها الناشط في العمل التطوعي عبد الماجد العدوي (56 عاماً) بعدما شعر ان كثيراً من المرضى لم يعودوا قادرين على تأمين الدواء، ان لجهة فقدانه من الصيدليات او عجزهم عن شرائه، فإنطلقت الفكرة منذ ثمانية أشهر لمساعدة المرضى المحتاجين.
يقول العدوي لـ”نداء الوطن”: “هي ليست صيدلية بالمعنى المتعارف عليه قانونياً، بل مبادرة خيرية نجمع فيها الأدوية من المتبرّعين ونوزّعها مجاناً على المواطنين للتخفيف قدْرَ الإمكانِ من الأعباءِ المالية عن كاهل المرضى، في ظل الازمة المعيشة الخانقة وارتفاع سعر الدولار وانقطاع الأدويةِ او شحّها من الصيدلياتِ في لبنان”.
ويضيف “نجاح المبادرة لم يكن سهلاً، اذ احتاجت الى عمل دؤوب وثقة كبيرة، سيّما واننا رفعنا في البداية شعاراً اننا لا نقبل مالاً لنشتري الادوية، بل نستقبل ما يتبرّع به المواطنون، وبذلنا جهوداً في الاعلان عن المبادرة عبر مواقع التواصل الاجتماعي والاصدقاء وسط عشرات المبادرات الاخرى، حتى حققنا التميز وباتت المبادرة مقصداً للمرضى”.
لم يدرس العدوي مهنةَ الصيدلةِ ولم يعمل بها، ولكنه استعان بمتطوّعين لديهم خبرة في هذا المجالِ، يستقبلون المراجعين، يستلمون من المرضَى اسماء وانواع الادوية وِفق وصفة الطبيب، ويحاولون تأمين الدواء لهم من دون أي مقابل مالي، ويقول: “اعجب الكثير بالمبادرة وتطوع عدد منهم، حتى شكّلنا فريقاً متكاملاً مؤلفاً من طبيب صيدلي، ومساعدة صيدلي، ومتطوعة ذات خبرة، وبدأنا العمل بهدف تطويره وافادة أكبر عدد من المحتاجين، وقد وصل عددهم يومياً الى نحو ستين، وفرغت الصيدلية اكثر من اربع مرات خلال فترات متفاوتة من العمل واستطعنا جمع الدواء مجدّداً والاستمرار. حلمي اليوم بات تحويل المبادرة الى مؤسسة، تساعد كل المرضى كما تفعل، من دون النظر الى اي جنسية، سواء كان لبنانياً او فلسطينياً او سورياً، وتتجاوز مدينة صيدا الى كل المناطق اللبنانية بفضل جهود المتطوعين وأصحاب الأيادي البيض الذين باتوا يدعموننا مادياً أخيراً كي نسدّ نفقاتنا في تسديد ايجار المكتب ومستلزمات العمل”.
وتقول مساعدة الصيدلي والمتطوعة في المبادرة آية الأسود: “نعمل على مدى ثماني ساعات متواصلة يومياً، نستقبل المتبرّعين ونوضّب الدواء، ونلتقي المرضى ونطلب ان يكون الحصول على الدواء وِفق وصفة طبّية مختومة من الطبيب، نحاول تأمين ذات الدواء واذا لم نجده نحاول اعطاء البديل عنه بعد استشارة الطبيب نفسه كي يكون ملائماً للمريض”.
وشكر علي، احد المرضى الذين استفادوا من صرف الدواء مجّاناً “هذه المبادرة الصحّية الانسانية، لانني لم أعد قادراً على شرائه منذ أشهر بسبب ارتفاع سعره، واليوم بات مفقوداً من الصيدليات، فيؤمّن لي مجّاناً بكل محبة وترحاب”، بينما اعتبرت الحاجة فاطمة أنّ “هذه الصيدلية باتت ملاذاً للفقراء في صيدا، ووجودها تحوّل دواء من كل داء، فكيف الحال اذا كان الهدف الدواء؟”.