جاء في “المركزية”:
أطلق البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي في عظته امس، موقفا متقدّما جديدا من الازمة السياسية التي يعيشها لبنان. فقد طرح في العلن، وعلى الملأ، اسئلةً تدور في بال جزء لا بأس به من اللبنانيين من جهة، وفي الصالونات السياسية والدبلوماسية المغلقة من جهة ثانية.
هو قال “نتساءل: هل وراء الأسباب الواهية لعدم تأليف الحكومة، نية عدم إجراء انتخابات نيابية في أيار المقبل، ثم رئاسية في تشرين الأول، وربما نية إسقاط لبنان بعد مئة سنة من تكوينه دولة مستقلة، ظنا منهم أنهم أحرار في إعادة تأسيسه من جديد، متناسين أنه أعرق وطن، وأبهى أمة، وأجمل دولة عرفها الشرق الأوسط والعالم العربي”؟
هذا الكلام القاسي والصريح، وفق ما تصفه مصادر سياسية معارضة عبر “المركزية”، يأتي لافتا من حيث التوقيت. لماذا؟ لانه واثر الزيارة التي قام بها الراعي الى بعبدا في بحر الاسبوع الماضي، حيث أسف للنبرة التي اعتمدها تيار المستقبل في مخاطبة رئيس الجمهورية، معتبرا انها تمسّ بالكرامات وفيها اهانة لمقام الرئاسة، اعتبر كثيرون، ولا سيما في الفريق المؤيد لبعبدا، ان البطريرك انتقل من موقعه الوسطي في الكباش بين القصر وبيت الوسط، الى موقعٍ أكثر انحيازا للاول في الصراع الدائر، وقد روّج هؤلاء لفكرة ان بكركي باتت ترى ان الرئيس المكلف سعد الحريري يتحمّل مسؤولية العرقلة الحاصلة في التشكيل. غير ان ما جاء في العظة امس، أتى ليدحض هذه النظرية، وقد أكد من خلالها الراعي انه لا يزال يُحمّل الرّجلين وزر التعطيل.
ففي اشارته الى النية بتعطيل الانتخابات النيابية ومن ثم الانتخابات الرئاسية، هل يمكن ان يكون البطريرك يغمز من قناة بيت الوسط مثلا؟ او من قناة تيار المستقبل؟ قطعا لا، تجيب المصادر، بل هو يستهدف في سؤاله هذا، الفريقَ الرئاسي عموما والتيار الوطني الحر خصوصا، ذلك ان لا مصلحة مباشرة لأي طرف سياسي سواه، في بقاء الرئيس ميشال عون في موقعه، كما ان كل القوى الاخرى- باستثناء حزب الله عن قناعة لانه يريد استمرار الامساك بالقرار السياسي والغالبية النيابية وحركة أمل عن “مسايرة”- باتت ترفع لواء ضرورة استقالة الرئيس عون فورا، وليس فقط استقالة مجلس النواب.
وفي عود على بدء، تشير المصادر الى ان السؤال الكبير الذي طرحه امس الراعي، من دون تردد وبلا قفازات، وإشارتُه الى سيناريو تطيير الانتخابات النيابية والرئاسية، لم يأتيا من عدم. فالأحزاب المعارضة في الداخل، تماما كما مجموعاتُ الثوار والمجتمع المدني، اضافة الى عواصم كبرى وجهات دولية واممية بارزة، تتخوّف كلّها من تحضير المنظومة، للتمديد لنفسها في ايار المقبل، خاصة اذا شعرت ان الانتخابات لن تصبّ في صالحها. واذ تلفت الى ان دبلوماسيين غربيين وعرب وامميين حذّروا في الايام الماضية السلطات اللبنانية من مغبّة الإقدام على خطوة ناقصة كتأجيل الانتخابات، مشددين على ضرورة حصولها في مواعيدها، تقول المصادر ان التطمينات التي سمعوا، وأبرزها من الرئيس عون، ليست كافية لتبديد الهواجس.
وبحسب المصادر، حصولُ هذا الاستحقاق بات مرهونا بقوة بقدرة المنظومة على تشكيل حكومة تُسيطر عليها، للتحكّم بنتائج الانتخابات النيابية أوّلا والرئاسية تاليا. اما اذا لم تتمكّن من فعل ذلك، فإن التشكيل، تماما كما الانتخابات النيابية، فالرئاسية، ستكون كلّها في مهب الريح… يمكن القول اذا ان “الرئاسيات” حاضرة بقوة في خلفية مشهد التأليف وتعثّره، وقد تكون العامل الاكثر تأثيرا فيه، تختم المصادر.