اكتسبتْ مواقف البطريرك الراعي أهميتها لأنها تأتي على بُعد 3 أسابيع من الحَدَث البارز الذي سيشهده الفاتيكان في الأول من يوليو، حيث يُعقد اللقاء الذي دعا إليه البابا فرنسيس، القادة الروحيين المسيحيين في لبنان والذي سيحضر فيه مجمل الواقع في «بلاد الأرز» بأزماته السياسية والاجتماعية والاقتصادية والمَخاطر التي باتت ترتّبها ليس فقط على المسيحيين بل على جميع اللبنانيين وعلى لبنان الكيان والدور ورسالة التعايش.
كما اعتُبرت «صرخةُ» الراعي تعبيراً عن الاستياء الكبير من السقوط المتوالي لكل المبادرات ذات الصلة بالملف الحكومي، بدءاً من المسعى الذي اضطلعت به فرنسا لأشهر تحت عنوان «حكومة المَهمة» الإصلاحية قبل أن يتحول استيلادها «مهمة مستحيلة» حتّمت أخيراً «جس النبض» حيال حكومة انتخابات انتقالية، وصولاً إلى مبادرة بري التي تواكبها باريس وعواصم عربية، والتي مازالت تصطدم بجدار تصلُّب متبادل بين رئيس الجمهورية ميشال عون والرئيس المكلف سعد الحريري.
ولم يكن عابراً أن يطلّ الأسبوع على وقع التعاطي معه على أنه سيكون مفصلياً لجهة تحديد مصير مسعى بري، الذي كان أكد «لن أرفع الراية البيضاء» في مقابل تسريباتٍ عن أن الحريري يعطي تشكيلة الـ 24 وزيراً الموزَّعة وفق صيغة «ثلاث ثمانيات» فرصة أخيرة، وإذا لم يُقبل بها فسيذهب للاعتذار هو وربما استقالة كتلته من مجلس النواب، وسط انطباع بأن هذا المناخ هو في إطار واحد من أمرين: إما رفع السقوف بوجه فريق عون وتحديداً رئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل لإخراجه من «الدائرة الرمادية» بعدما كان رئيس البرلمان رمى الكرة في ملعبه معلناً أنه مازال «ينتظر جوابه» بما يعني تحميله مسؤولية إجهاض «الخرطوشة الأخيرة».
وإما أن التلويح بالاعتذار بات خياراً جدياً لدى الرئيس المكلف ولكنه ينتظر «اللحظة المناسبة» والإطار المتكامل للعب هذه الورقة التي لا يمكن الركون إلى أنها ستفضي حُكْماً لحكومة انتخاباتٍ على غرار ما حصل مع حكومة الرئيس نجيب ميقاتي العام 2005 – رغم اعتبار هذا السيناريو هو الأكثر واقعية – ذلك أن التفاهمات الإقليمية – الدولية الكبرى التي شكّلت مظلة لـ «انتقالية 2005» غير متوافرة حتى الساعة.
كما أن الوقت الطويل نسبياً الفاصل عن الانتخابات النيابية يجعل من الصعب للائتلاف الحاكم (حزب الله وعون) تسليم «مفاتيح السلطة» لحكومة بلا «أزرار تحكُّم»، فيما مسار ومصير الاستحقاقات الانتخابية غير محسوم. علماً أن التشكيلة التي ترأسها ميقاتي في 2005 وُلدت قبل أقلّ من شهر ونصف الشهر من موعد الانتخابات (واستقالت في يوليو من العام نفسه بعد ولادة البرلمان الجديد).
وفي حين استوقف أوساطاً سياسية الهجوم الصاعق الذي شنّه النائب زياد أسود (من تكتل باسيل) على بري فـ«لو كنت مكان باسيل، لما تراجعتُ عن وصفه بمصطلح(بلطجي)»، رغم الكلام الدائم عن أن أسود لا يعبّر عن باسيل في ظل الخلافات والمسافات بين الرجلين، فإن مهمة رئيس البرلمان باتت تسابق ليس فقط الزمن بل أيضاً تَدَحْرُج الانهيار الذي صار يُنْذِر بانفجار الشارع في ظل«الفتائل»المتعددة.
ففيما بدأت العتمةُ تزحف (بعد مباشرة غالبية المولدات الخاصة تقنيناً يومياً في موازاة اقتراب معامل الكهرباء من الانطفاء لعدم توافر الفيول)، لم يقلّ دراماتيكية ناقوس الخطر الذي قرعه المدير العام لهيئة اوجيرو عماد كريدية تحت عنوان«انقطاع الإنترنت أصبح جدياً«، معلناً«أن الارتفاع المستمر بساعات التقنين الكهربائي يتسبب بضغط كبير على مجموعات توليد الطاقة التابعة لهيئة أوجيرو وزيادة الطلب على المحروقات التي باتت نادرة هي أيضاً»، ومحذراً من«ان استمرار الوضع بهذا الشكل يهدد جدياً امكان اوجيرو بتقديم الخدمات. اللهم اني بلغت، اللهم فاشهد».