Site icon IMLebanon

باسيل عبء على “الحزب”… والخليج ينتظر نهاية العهد

كتب منير الربيع في “المدن”: 

لا يزال حزب الله يتبع سياسة الرموز والإشارات مع حليفه “الاستراتيجي”، التيار العوني. وهو يتبنى في هذه المرحلة سياسة تهدئة على إيقاع المفاوضات الجارية في الإقليم. وفي مثل هذه الحالات لا يحتاج إلى التصعيد، ولا إلى فرض رؤاه وشروطه وسياساته. وهذا وضع يمنحه بعضاً من الارتياح، ركوناً منه إلى التطورات الإقليمية والدولية.

قصور سياسي عوني

لذا لا يريد حزب الله الدخول في مواجهة مع السنّة، ولا خسارة المسيحيين. ويتركز اهتمامه على إبقاء الوضع مستقراً، وتوفير الاحتياجات الغذائية والطبية والضرورية لبيئته وجمهوره، في مواجهة انفجار اجتماعي داهم. وحتى الحلفاء الذين كان حزب الله يعتمد عليهم في مواجهة خصومه، لم يعد يحتاج إليهم، بما أن الخصوم ما عادوا مؤثرين أو قادرين على مواجهته، بل وغير راغبين بذلك. وفي مثل هذه الحال تنتفي الحاجة الوظيفية للحلفاء الذين يحافظ على علاقته معهم، انطلاقاً من حاجته إلى الجميع، وانسجاماً مع صورة طبع نفسه بها: عدم تخليه عن حلفائه.

لكن هذه المعادلة التي يتبعها حزب الله، تبدو عصية على فهم التيار العوني، الذي يمعن في مغازلة حليفه القوي، ليستمر في حصد المكاسب. ويصل “الجموح” بالتيار العوني إلى حدود تخيير حزب الله بين الوقوف إلى جانبه، أو إلى جانب نبيه برّي. وهذا ينطوي عن قصور نظر سياسي، ناجم عن حصر السياسة كلها في المصالح الآنية والحزبية.

أوهام باسيل

ويصل الحال بالتيار العوني إلى ابتزاز حزب الله في مسألة مكافحة الفساد. طبعاً، لا حاجة إلى مناقشة هذا الأمر الذي يعتمد على تبرئه العونيين أنفسهم من هذه التهمة. وهي براءة هدفها استمالة حزب الله على حساب نبيه برّي.

لكن التيار العوني لم يعد يمتلك غير سلاحه السياسي الرسمي: توقيع رئيس الجمهورية. فمسألة حاجة حزب الله للغطاء المسيحي، لم تعد مجدية في ظل التحولات التي تشهدها المنطقة، وتجنب سعد الحريري إثارة أي توتر سني-شيعي. لذا سقطت ورقة الغطاء المسيحي، درة تاج سياسة عون حيال حزب الله.

ويطلق حزب الله إشارات متعددة للتيار العوني في هذا الاتجاه، لكن باسيل يأبى أن يلتقطها. فيما ينحصر حرص حزب الله  بالحفاظ على علاقته بالتيار، كي لا يستفيد أي طرف مسيحي آخر معارض للحزب، كالقوات اللبنانية مثلاً.

لا أهمية للحكومة

وتتجه المنطقة إلى متغيرات إقليمية كبرى تريح حزب الله، وتقلص حاجته إلى ما كان بحاجة إليه سابقاً، كالأكثرية النيابية التي كان بأمس الحاجة إليها أيام دونالد ترامب. أما اليوم، فالاتفاق الإيراني-الأميركي، والحوار السعودي-الإيراني، ومغادرة نتنياهو، وسياسة بايدن المغايرة، تساهم كلها في تهدئة الجبهات التي يعمل عليها حزب الله. وهذا ينعكس على لبنان، الذي لم يعد يضطلع بدور أساسي للتأثير أو لتغيير الوقائع. لذا، يفضل حزب الله البقاء جانباً في التوترات الداخلية اللبنانية، كي لا يخسر عون وباسيل، ولا الحريري. وهو يترك مسألة تشكيل الحكومة على عاتق المجتمع الدولي، ويؤكد أنه لا يريد عرقلة تشكيلها في حال تشكلت.

..ولا لباسيل

وهنا، ثمة من يعتبر أن الحسابات التي يبنيها جبران باسيل، تندرج كلها في خانة الحسابات الخاطئة. وخصوصاً في قوله إن انتصار محور المقاومة ينعكس عليه إيجاباً. فيما يرى حزب الله في باسيل عبئاً كبيراً على كل من يتحالف معه.

فالحزب إياه سلّف لباسيل كثيراً، ويعلم أنه نهمٌ لا يكتفي. بل هو أكثر من ذلك: لا يعترف بجميل حزب الله عليه. وحزب الله ليس مضطراً لاستفزاز الأميركيين في ظل التقارب الإيراني-الأميركي، كرمى لعيني باسيل الخاضع للعقوبات الأميركية، ليس بسبب علاقته بحزب الله، على الرغم من أن باسيل ينسبها إلى هذا إلى هذا السبب وحده. لكن العقوبات التي فرضت عليه، على علاقة بالفساد قانوناً، قانون ماغنيتسكي.

كذلك لا يمكن حزب الله أن يخرّب بحثه عن تهدئة في علاقاته مع الدول العربية، وخصوصاً دول الخليج، في ظل الحوار السعودي-الإيراني، كرمى لعيني وباسيل. والموقف العربي والخليجي واضح من عون وباسيل: رفض التعاون معهما. والإجابات الخليجية عن العلاقة مع لبنان، تبدو مؤجلة إلى ما بعد نهاية العهد العوني