كتب محمد نمر في “لبنان الكبير”:
لطالما سمعنا نقيب المحامين ملحم خلف الناجح في أداء دور “ميل غبسون” في فيلم “Brave Heart”يعتلّي المنابر ويصرخ ضد هذه الطبقة السياسية “الفاسدة، المعلونة، الشريرة…”. فكنا نشعر أن الخطاب الثوري للـ”Brave Avocat” يفجّر فينا ثورة غضب عارمة فورية.
أحب البعض تسميته بـ”نقيب الثورة”. طابت له التسمية وحاول لعب الدور. صار لا يترك فرصة إلا ويحاول أن يبرز فيها نفسه كشخصية رافضة للأحزاب… طابت له اللعبة وتمادى حتى كثرت مطباته.
تعال حضرة “نقيب الثورة” نتذكر سوياً هذه القصة، علّها تذكّرك بثورة شاهدت في انتخابات انتصاراً لها ولكل طامح ببلد خال من المحاصصات.
حضرة النقيب، منذ 7 أشهر بالتمام والكمال، أصدر قاضي التحقيق في بيروت أسعد بيرم قراراً منع بموجبه النائب المحامي هادي حبيش من ممارسة مهنة المحاماة. وكانت حينها أول إشارة قضائية لاتخاذ إجراء بمنع محامين من مزاولة مهنتهم. انتفضت آنذاك نقابة طرابلس والشمال اعتراضاً على قرار المنع، معتبرة ان القرار من صلاحية مجلس النقابة ولا صلاحية للقضاء باتخاذ إجراء يخفي طابعاً تأديبياً.
حضرة النقيب، حينها اتصل بكم نقيب المحامين في طرابلس والشمال محمد المراد، طالباً منكم اتخاذ موقف موحد تجاه قرار القاضي أسعد بيرم، وقال لك: “يا نقيب… الموضوع مش موضوع هادي حبيش النائب أو موقعه السياسي، الموضوع يرتبط بالمحامي هادي حبيش ومهنة المحاماة”. فكان جوابكم لمراد: “أنا معك يا نقيب، لكن ما بقدر مون على أعضاء مجلس نقابة بيروت، فأكثريتهم ينتمون للتيار الوطني الحر”، فردّ مراد: “أعيد وأكرر لك، ليس الموضوع تيار مستقبل وتيار وطني بل كرامة المحامي وإذا سكتم على هذا الموضوع اليوم… بكرا بيجي دوركم”. وأخذت نقابة طرابلس والشمال قراراً بمنع حضور المحاميين الجلسات لدى قضاة التحقيق عامة لفترة معينة.
“دارت الأيام” يا حضرة النقيب…
وجاء دور نقابة محامي بيروت. أحيل ملف المحامي رامي عليّق إلى القاضي نفسه أسعد بيرم الذي أخذ أيضاً القرار بمنع المحامي عليّق من مزاولة مهنته، معللاً قراره بسابقة المحامي حبيش. إذ قال بيرم للذين راجعوه واعترضوا: “أنا، هادي حبيش وأخذت قراراً بوقفه عن العمل، فلا أحد يراجعني بموضوع رامي عليق. هناك سابقة حصلت واتخذ القرار ولن أعود عنه… وروحوا اعترضوا”. فما كان من خلف إلا أن انتفض على هذا القرار. واتصل بنقيب المحامين مراد طالباً منه تضامن نقابة طرابلس والشمال مع نقابة بيروت. فكان جواب المراد له: “عندما طلبنا منكم يا نقيب التضامن معنا بقضية حبيش، كان جوابك ما عندي اكثرية بالنقابة. اليوم لن أقول لك أيضاً: ما عندي أكثرية، لكن من لا يتضامن معنا لا نتضامن معه. كما أرى أن ما حصل مع علّيق تتحمل أنت شخصياً مسؤوليته، لأنه لو وقفت معترضاً في قضية هادي حبيش وأخذنا قراراً موحداً حينها لما كان كرّر القضاء قراره”.
وهكذا أخذت نقابة محامي بيروت القرار بشكل منفرد، حيث صوّت هذه المرة أعضاء المجلس المنتمين إلى “التيار الوطني الحر” مع قرار الإضراب والوقوف ضد بيرم. أما الملفت أن القاضية غادة عون التي سبق وأيّدت علناً قرار القاضي بيرم لأنه كان لمصلحتها ضد المحامي حبيش، أيّدت اليوم قرار نقابة المحامين ضد بيرم لأن المحامي عليق ينتمي إلى فريقها السياسي.
وهكذا، يا حضرة “نقيب الثورة” حوّلتم نقابة محامي بيروت من نقابة المدافعين عن حقوق المحامين إلى نقابة الزواريب السياسية البعيدة كل البعد عن حقوق المحامين… وعلى الرغم من ذلك، تطالعنا اليوم ببيان شديد اللهجة في حق القضاة، فعن أي مطالبة باستقلالية القضاء وأنت توصّف مجلس نقابتكم بأن أغلبيته لمصلحة التيار الوطني الحر؟
ويا حضرة النقيب خلف بأي صفة تعطي مهلة لمجلس النواب، وأنت شاركت باجتماعات اللجنة الفرعية عن لجنة الإدارة والعدل الفرعية لإصدار قانون استقلالية القضاء، وتم الأخذ بكثير من الآراء التي طرحتها، وعلى الرغم من معرفتك بمساره وحاجته إلى هيئة عامة، تصدر بيانك مزايداً؟
عذراً حضرة النقيب، تطالبون باستقلالية القضاء “فهمنا” أما تهديد مجلس النواب “أم المؤسسات” فهذا مستغرب… إلا إذا كان مجلس نقابتكم بغالبيته عونية قرر ذلك…
“اسمحلنا” فيها نقيب.