بعد 12 سنة من تسلّمه منصب رئاسة الحكومة، بات إبعاد بنيامين نتنياهو عن السلطة في إسرائيل جدّياً، إذ تمّ الإتيان بحكومة “حزب العمل” مؤلفة من تحالف اليسار وبعض أحزاب اليمين والتحالف العربي. وسيكون لأول مرة على طاولة مجلس الوزراء الإسرائيلية وزير عربي يمثل الإخوان المسلمين.
ويتوقف المراقبون عند هذا التحالف الجديد في وقت كلف فيه الرئيس الإسرائيلي زعيم حزب “يمينا” اليميني المتطرف نفتالي بينيت تشكيل حكومة مداورة مع رئيس حزب “هناك مستقبل” يائير لابيد وكشف الأوّل عزمه تشكيل حكومة “تغيير”.
وسيضمّ الائتلاف الحكومي رئيس “القائمة العربية الموحدة” منصور عباس لتصبح قائمته أول حزب عربي يشارك في الحكومة في تاريخ إسرائيل، زعيم “حزب أزرق-أبيض” الوسطي بيني غانتس، وزعيم “أمل جديد-وحدة لإسرائيل” جدعون ساعر، وحزب “إسرائيل بيتنا” بزعامة أفيغدور ليبرمان وحزبي “العمل” و”ميرتس”.
أما الأحزاب العربية في الكنيست فترفض الانضمام إلى حكومة يرأسها بينيت الذي يدعم توسيع المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة. وأوضح نواب من القائمة العربية المشتركة، التي تحتلّ ستة مقاعد في البرلمان، أنهم سيؤيدون حكومة بزعامة لابيد، لكنّهم لن يدعموا تلك التي سيترأسها بينيت. وقال زعيم حزب “التجمع الإسلامي” المحافظ منصور عباس، الذي حصل حزبه على أربعة مقاعد، إنه قد لا ينضمّ إلى الائتلاف، لكنه سيدعمه على الأرجح بهدف تحسين أوضاع المجتمع العربي داخل إسرائيل.
ومن غير المرجّح أن يعمل أي تحالف حكومي جديد في إسرائيل على إيقاف مشاريع الاستيطان التي تسارعت تحت قيادة نتنياهو سواء في الضفة الغربية أو القدس الشرقية المحتلتين. ومن غير المتوقع أيضًا، وضع حد للصواريخ التي قد تصل من قطاع غزة في أي تصعيد مستقبلي محتمل أو إنهاء العداء بين الجانبين.
وفي قراءة للانتخابات الإسرائيلية، رأى رئيس مركز الشرق الأوسط للدراسات العميد الركن هشام جابر عبر “المركزية” أن “نتنياهو فشل 4 مرّات في تشكيل حكومة وأجريت 4 انتخابات خلال سنتين، أي خروجه من الحكومة كان منتظراً بعد فشله، إذ لم يكن من الممكن أن يقوم بأي عمل باهر يخلط الأوراق ما يعطيه فضلا جديدا يعدّل الوضع القائم، بعدها جاءت أحداث غزّة التي شكّلت الضربة القاضية ولم تعطه أي إنجاز لا بل فشل، فكانت كلّ الصحف الإسرائيلية موجّهة ضدّه واختار توقيت غير مناسب، ولأوّل مرّة تطلق غزّة الصواريخ قبل أن تبادر إسرائيل بقصفها، بالتالي كان لا بدّ أن يترجم الفشل على الأرض”، مضيفاً “بدل إجراء انتخابات خامسة، شعر نتنياهو أنّه عاجز عن الوصول إلى ائتلاف يسمح له بتشكيل حكومة، لذلك تجمّعت هذه الخلطة الغريبة من الأحزاب المعارضة من أقصى اليسار إلى أقصى اليمين إلى الإسلاميين إلى العرب ما أدّى برئيس إسرائيل إلى تكليف بينيت تشكيل الحكومة، وسمّيت بحكومة ربع الساعة الأخير قبل انتهاء المهلة والدخول في انتخابات جديدة”.
ولفت إلى أن “الكنيست وافق على حكومة بينيت، ولا نعرف ماذا يمكن أن ينتج عن هذه الخلطة. البعض يرى أنها لن تختلف عن حكومة نتنياهو في ما يتعلّق بالموقف من غزّة والشعب الفلسطيني والقدس والفرق لن يكون كبيراً في السياسة لكن ربما لن تتّخذ قرارات متسرّعة أو تؤدّي إلى الفشل على غرار ما فعلت حكومة نتنياهو، علينا الانتظار “.
وعن مصير نتنياهو، أوضح جابر ان “القانون الإسرائيلي ينصّ على أن رئيس الحكومة لا يلاحق قضائياً ما دام يمارس مهامه أو إذا كانت البلاد في حالة حرب، وأكثر من دعوى يمكن أن تودي بنتنياهو إلى السجن، لذلك يواجه أزمة خطيرة، ويحاول بكلّ الطرق العرقلة والخرطوشة الأخيرة الممكن أن يستخدمها هي عدم السماح للحكومة الجديدة الحصول على الثقة وحينها لن يكون من خيار سوى الانتخابات الجديدة ولا يمكن التوقع من الآن ما إذا كان يمكن لنتنياهو أن يحدث أي خرق لصالح حزبه أو يخسر. والأمل كبير بأن تحصل حكومة بينيت على الثقة ما يعني أن نتنياهو سيكون خارج الحكم وفوراً تتحرّك الإجراءات القضائية ضدّه، ورغم ماضيه الطويل في الحكم الاحتمال كبير بأن يدخل السجن، فالمواد الملاحق بها تثبت تورّطه حسب القانون، لكن هل يحكم بها القضاء؟”.
واعتبر أن “في هذه المرحلة نتنياهو ليس في موقع اتّخاذ قرارات حرب ولا الحكومة ستشكّل لإشعال واحدة في المنطقة. الصراع مرير بين حكومة ممكن أن تتشكل وتحصل على ثقة البرلمان وتحكم لفترة معينة وبين نتنياهو المتخبط والذي يستخدم مختلف أسلحته للبقاء في الحكم بأي طريقة ممكنة”، مشيراً إلى أن “المنقذ للأخير لا يمكن أن يكون الخليج أو أميركا والرئيس الأميركي جو بايدن أنزله عن الشجرة بشكل مرضٍ خلال حرب غزّة لكنّه غير مستعدّ لدعمه انتخابياً بسبب الخلاف الكبير والأوّل من نوعه بين الإدارة الأميركية وإدارة نتنياهو لا سيّما في ما يتعلّق بالموقف من الاتفاق النووي الإيراني”.