Site icon IMLebanon

الراعي يوحّد المسيحيين… من لبنان إلى الفاتيكان

كتب ألان سركيس في نداء الوطن:

يعمل البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي بطريقة علمية ويبتعد عن النشاط الشعبوي، فهو يريد أن يصل إلى نتيجة تصب في مصلحة البلاد وتُنقذ الشعب من “جهنم” الذي يعيش فيه.

كان الثلثاء يوماً تنسيقياً بامتياز، فالبطريرك الراعي يريد أن يُكمل المواجهة من دون الوقوع في الخطأ، ففي فكره أنه يقود مسيرة شعب، ما يحمّله مسؤوليات إضافية، لذلك فإن طريقة العمل يجب أن تكون إحترافية.

ومنذ أن أطلق الراعي عظته الشهيرة في تموز 2020 مطالباً رئيس الجمهورية العماد ميشال عون بالعمل لفكّ أسْر الشرعية وداعياً إلى الحياد، وبكركي تشكّل الحدث الذي يستقطب الداخل والخارج على حدّ سواء، ولم يقف الراعي عند هذا المستوى، بل دعا إلى عقد مؤتمر دولي خاص لإنقاذ لبنان.

وعلى رغم كثرة الأخبار والشائعات التي حاول بثّها أصحاب المشاريع المشبوهة والإيحاء بأن الفاتيكان لا يحبّذ طروحات الراعي وأنه ضدّ منطق الحياد، فإن دعوة قداسة البابا فرنسيس إلى يوم من أجل الصلاة على نية لبنان وعقد ما يشبه “السينودوس” المصغّر، شكّل صدمة لهذا الفريق الذي يُصوّب على طروحات سيّد الصرح.

وبما أنّ لقاء الأول من تموز سيضمّ الفاعليات المسيحية الروحية والمؤسساتية، فكان لا بدّ من عقد لقاء في بكركي للبطاركة والأساقفة الكاثوليك والأرثوذكس، وذلك من أجل توحيد الموقف وطلب مساعدة الفاتيكان للوصول إلى الهدف المنشود، خصوصاً وأن اللقاء مع البابا ليس بهدف تلاوة كلمات، فجدول أعمال اللقاء مع البابا ليس محدداً مسبقاً، بل إن كل شخصية مشاركة ستدلي بدلوها وتطرح المشاكل والهواجس، لذلك لا بدّ من الإتفاق على عناوين عريضة وورقة عمل موحّدة.

وفي السياق، فإن النقاش في بكركي الذي أكّد ضرورة تأليف حكومة سريعاً إنطلق من ضرورة توحيد الموقف الكنسي والخروج بمطالب واحدة لتصل إلى قداسة البابا ليدرسها، ومن ثمّ يناقش طريقة العمل للوصول إلى النتيجة المبتغاة. وشكّلت طروحات البطريرك الراعي منطلق النقاشات، فلبنان يعاني أوضاعاً صعبة للغاية على كل المستويات، وقد شهد أكبر انفجار بعد قنبلة هيروشيما النووية، من هنا كان لا بدّ من التشديد على التغلّب على المآسي.

أما النقطة الثانية المهمة فهي الوضع الإقتصادي والإجتماعي الذي يعاني منه الشعب اللبناني، وبحسب البطاركة والأساقفة فإن استمراره على هذا الشكل سيُعرّض المسيحيين ومعهم كل اللبنانيين للتهجير، عندها يفرغ لبنان من مسيحييه وقسم كبير من مسلميه. وفي السياق، فإن البطاركة الذين تبنّوا طروحات الراعي سيعملون من أجل دعم الحياد الناشط والفاعل.

والأهمّ يبقى طلب يد العون الدولية إذ إن الراعي والبطاركة باتوا على قناعة بأن لا قيام للبنان من دون دعم المجتمع الدولي.

وتأتي أهمية هذا اللقاء في الفاتيكان بأنه ليس فقط للرعية الكاثوليكية في لبنان، بل إنّه لكل المسيحيين سواء كانوا من الكاثوليك أو الأرثوذكس أو الإنجيليين، وبالتالي فإن الهواجس مشتركة لدى الجميع، ويحمل لقاء الفاتيكان في طياته رسالة واضحة إلى أهل السياسة مفادها أن بكركي هي التي تقول “كلمة الحقّ” وهي من تستلم قيادة المبادرة في هذا الوقت الحساس، لذلك فالإجتماع يُعقد مع روحيين وبلا سياسيين وهدفه إنقاذ الصيغة اللبنانية القائمة على المناصفة وصون “إتفاق الطائف” والحفاظ على المؤسسات الكنسية من تعليمية وإستشفائية والتي تعنى بالخدمات الإجتماعية، والأهم من هذا كله صون الكيان اللبناني الذي يُشكّل مقرّاً لحوار الحضارات والأديان.