لا تمر العلاقة بين التيار الوطني الحر وحزب الله في افضل ايامها. منذ اشهر، يحاول الطرفان ترقيع الخلافات بينهما وإخفاءها، والتي انطلقت مع تكثيف رئيس “لبنان القوي” النائب جبران باسيل انتقاداته أداء حزب الله في الداخل، على اعتبار انه لا يسعف “البرتقالي” كما يجب، في معاركه للاصلاح ومحاربة الفساد. في ذكرى توقيع ورقة التفاهم مطلع العام، جدد التيار الوطني هذا الانتقاد، الا ان الجانبين اتفقا حينها على اطلاق محادثات في الكواليس لتطوير اتفاقهما ومعالجة نقاط التباعد بينهما، مؤكدين تمسّكهما بتحالفهما ومطمئنين الى انه وورقة مار مخايل صامدان، ولن ينهارا او يسقطا.
منذ ايام قليلة، وبعد فترة هدوء، تجددت المناوشات بين الجانبين. ففي موقف لافت للانتباه، بحسب توصيف مصادر سياسية معارضة عبر”المركزية”، قال باسيل “اتّفاق مار مخايل نجح في منع الفتنة وفشل في بناء الدولة”، ولم يكتف بذلك بل صوّب ايضا على ما يُعتبر “مقدّسا” لدى الحزب، اي سلاحه، قائلا “ليس طبيعياً وجود سلاح غير سلاح الجيش وهذا الوضع استثنائي ولا يجب أن يستمرّ”… لم يكد ينهي باسيل كلامه حتى هاجم الناشط في التيار الوطني الحر ناجي حايك في مقابلة تلفزيونية من جديد، حزبَ الله، معتبرا ان “الاتفاق معه كان محاولة رأب صدع ولم تؤدِ غرضها”. ولفت الى أن التيار تضرر بسبب علاقته بالحزب في الشارع المسيحي ومع الدول الغربية”، مشيرا الى أن “حزب الله يعرف أنه يتم خرق الدستور والميثاق والاعتداء عليهما في ملف تشكيل الحكومة و”عم يكون شيطان أخرس، والاستياء من “حزب الله” هو لأنه لا يقف مع الحقّ”.
هذا التوصيف الخطير، لم يسكت عنه الحزب، اذ ردّ المستشار السياسي للأمين العام لـ”حزب الله” النائب السابق حسين الموسوي عليه مغردا “حليف آخر: حزب الله شيطان أخرس لأنه ساكت عن الحق. تصويب: الحق بمعناه الحقيقي هو الذي يحدده ويعرفه أهل العلم والعدل على أنه في ميزان الله حق، و”حزب الله” لم يسكت يوماً عن هذا الحق، أما الذي تعنيه أنت فهو ليس بحق ما دام” حزب الله” ساكتاً عنه، فـ”حزب الله” قد ورث ميزان الأنبياء والرسل”.
وليكتمل المشهد، ردّ السيد حسن نصرالله امس علنا وبصراحة، على التلويح بالانتخابات النيابية المبكرة، من قِبل التيار، مؤكدا انه ضدها وانها مضيعة للوقت.
على الارجح، تتابع المصادر، هذا هو مصدر التوتر الذي عاد ليكهرب اجواء ميرنا الشالوحي – الضاحية، بعد تهدئة، وهنا لبّ الخلاف وجوهره. فمقاربةُ الوضع السياسي – الحكومي تبدو مختلفة بين الحليفين “المُفترضين”: التيار يريد اعتذار الرئيس المكلف سعد الحريري والا فإنه يريد الاستقالة من مجلس النواب للتخلّص منه. اما حزب الله، فيرفض هذين المطلبين، هو يريد حكومة برئاسة الحريري اليوم قبل الغد، نظرا الى الاوضاع المعيشية القاتلة، كما وانه يريد انتخابات في موعدها ويرفض اي “تقريبٍ” لمواعيدها.. بحسب المصادر، يُزعج هذا الموقف “الاصفر” الفريقَ البرتقالي، سيما وانه اتخذ في الايام الماضية شكلَ بطاقة “حمراء” رفعت في وجه التيار، “مانعة” اياه بشدة من فرط عقد البرلمان. اما حكوميا، فدعمُ الحزب للفريق الرئاسي في مطالبه، بدأ ايضا يتلاشى تحت وطأة الانهيار المعيشي الحاصل، والاتصالات الجارية بين الجانبين تتخللها ضغوط قوية على “البياضة” لوضع الماء في نبيذها…
انطلاقا ما هنا، تضيف المصادر، يمكن القول ان تجاوب الوطني الحر مع مساعي التشكيل، ومطلب البقاء في البرلمان، سيعني صمود التحالف، وورقةُ التفاهم وسيُكتب لهما عمر جديد. اما اذا بقي التيار على تشدده وشروطه حكوميا، وأقدم ايضا على الاستقالة من البرلمان، فإن العلاقة بينه وبين الحزب قد تكون سلكت درب الانهيار.. فهل يلائم انفراطٌ كهذا مصالحَ التيار ورئيسه الشعبية والانتخابية نيابيا ورئاسيا؟!