كتب ألان سركيس في “نداء الوطن”:
تتقدّم التحضيرات للإنتخابات النيابية في الدوائر المسيحية على غيرها من الدوائر، نظراً إلى أن التنوّع موجود عند المسيحيين، وهناك تيارات وأحزاب وقوى تريد القول “نحن هنا”.
لا شكّ أن حزب “الكتائب اللبنانية” بقيادة النائب المستقيل سامي الجميّل يحاول بناء حيثية خاصة به، فمن جهة يحاول شدّ عصب الكتائبيين عبر تركيز هجومه على “القوات اللبنانية”، ومن جهة ثانية يريد أن يستميل إلى صفوفه كل من ترك “التيار الوطني الحرّ” وبعض اليساريين، معتبراً أنه بهجومه المبرمج على “القوات” يستطيع تحقيق هذا الإنجاز.
وفي حين يفاخر الكتائبيون بتاريخهم النضالي منذ معركة الإستقلال عام 1943، مروراً بوقوفهم إلى جانب الرئيس كميل شمعون والشرعية خلال إنتفاضة 1958، وصولاً إلى قتالهم في وجه محاولات جعل لبنان وطناً بديلاً للفلسطينيين، لاحظ البعض كأن هناك خطّاً داخل الحزب يريد التخلّص من هذا الماضي الذي يعتبره ثقيلاً، لذلك بدأت رحلة التخلّص من قدامى الكتائب ومحاولة إستمالة بعض اليساريين.
ووسط الحديث عن محاولة الجميّل نسج تحالفات مع مجموعات من المجتمع المدني ويساريين، هناك قوى داخل “الكتائب” تعتبر أن الأمور وصلت إلى “الخطوط الحمر”، وأي تخطٍّ لهذه الخطوط سيُولّد إنتفاضة كبرى على إدارة سامي الجميّل للحزب، فكل شيء مقبول إلاّ تغيير خطّ الحزب التاريخي والتنكّر لنضاله، فلا يجوز الخجل من الماضي الذي يحتمل بعض المراجعة، والمفاخرة في الوقت نفسه بأنه حزب سقط في صفوفه آلاف الشباب دفاعاً عن لبنان.
وفي السياق، فإن المعركة الإنتخابية المقبلة ستكون مفصلية في تحديد توجّهات “الكتائب” وحجمه، وسط إصرار جناح النائب المستقيل نديم الجميّل على التحالف مع القوى السيادية وعلى رأسها “القوات اللبنانية” في دائرة الأشرفية.
وإذا كان نديم الجميّل قد نجح في استمرار تحالف الكتائب مع “القوات” في إنتخابات 2018 الأخيرة، إلاّ أنّ المفاجأة الكبرى ستأتي ليس من دائرة الأشرفية هذه المرّة بل من كسروان، حيث يعتزم عدد من الكتائبيين الضغط على القيادة للذهاب إلى تحالفات مع الحليف الطبيعي.
وقد برز على الساحة المسيحية والكتائبية والقواتية معطى جديد ومهمّ، وهو عزم يمنى بشير الجميّل على الترشّح في كسروان بعدما تردّدت أخبار عن ترشحها عن المقعد الماروني في زحلة على لائحة “القوات اللبنانية”.
ويسري خبر ترشّح يمنى في الأوساط الكتائبية والكسروانية، أما إختيار كسروان فيأتي لأسباب عدّة أبرزها أن “نصفها” من كسروان، فوالدتها النائبة السابقة صولانج توتنجي من غزير، وهناك أرضية خصبة لخوضها المعركة، في حين أن ترشحها في المتن سيأتي كرسالة موجّهة ضدّ إبن عمها سامي وعندها سيحصل شقاق كبير في العائلة وهذا الأمر لا يريده أحد.
أما النقطة الثانية، فتأتي نظراً إلى أهمية كسروان السياسية، فهي عاصمة الموارنة وهناك محاولة لتصويرها على أنها مع محور “الممانعة” بقيادة “التيار الوطني الحرّ”، لذلك لا بدّ من نزول مرشحين مثل يمنى الجميّل لمواجهة هذا الخطّ في الشارع المسيحي، وللقول إن كسروان أمينة على الخطّ التاريخي للمسيحيين الذي قاده في أصعب المراحل الرئيس بشير الجميّل، وتدعم مطالب البطريرك مار بشارة بطرس الراعي.
وبالنسبة إلى شقّ المرشحين، فقد يأتي خيار ترشيح يمنى في كسروان بعد استبعاد المرشّح “الآدمي” شاكر سلامة، كما يصفه رفاقه الكتائبيون، وعدم إحراز الوزير السابق سليم الصايغ أي تقدّم على الأرض، من هنا أتت المطالبة بأن تكون يمنى المرشحة التي يدعمها “الكتائب”، ولا دخل لترشيحها، حتى لو تحالفت مع “القوات”، بدعم “القوات” لمرشحها النائب شوقي الدكّاش.
ويُنقل عن الأوساط الكسروانية أن ترشّح يمنى تأخّر، فهي كانت تعتزم الترشّح عام 2018 لكن نظراً إلى حساسية المعركة آنذاك وعدم إتضاح الصورة بسبب قانون الإنتخاب الجديد فضّلت العائلة التريّث، أما اليوم فإن قرار الترشّح حاضر ويبقى اختيار الوقت المناسب لإعلان ذلك.
وقد تواجه يمنى مشكلة كبرى وهي عدم دعم إبن عمها سامي لترشيحها وإختيار مرشّح كتائبي آخر ينافسها، فيما تسعى مع الدائرة المحيطة بها لأن تكون مرشّحة على لائحة “القوات والكتائب” لتشكّل نقطة وصل بينهما، بدل أن يذهب حزب “الكتائب” إلى تحالفات لا تمتّ إلى تاريخه بصلة، وبالتالي فإن هذا الإستحقاق سيكون مهمّاً للحزب.
وفي حال تمّ النجاح في إبرام تحالف بين “الكتائب” و”القوات” في كسروان فإن يمنى ستكون على اللائحة، أما في حال رفض سامي الجميل ترشيحها وعدم التحالف مع “القوات” وأصرّت على إكمال المعركة، فإنها ستكون في موقعها الطبيعي إلى جانب لائحة “القوات”.
ويُبدي كتائبيون في كسروان تخوّفهم من تكرار سيناريو ترشّح رئيس حزب “الكتائب” منير الحاج على لائحة الحزب “السوري القومي” حيث حصد 7 آلاف صوت، في حين أن الكتائبيين إختاروا حينها بول الجميل فحصد منفرداً أكثر من 10 آلاف صوت، لذلك فإنه بمجرّد ترشّح يمنى الجميّل ستصب عندها حكماً الأصوات الكتائبية، فيما لن يحظى أي مرشّح آخر بدعم حزبي.
وفي السياق، فإن المعركة ليست بترشّح يمنى من عدمه، بل بوجود تيار كبير داخل “الكتائب”، يقول كتائبيون عنه، إنه يرفض سياسات سامي الجميّل وتحالفاته، وهذا التيار بدأ في الأشرفية وسينتقل إلى كسروان وسيتمدّد إلى بقية الدوائر المسيحية.