Site icon IMLebanon

ماذا تريد أميركا وفرنسا وروسيا من طرابلس ومرفئها؟

كتب ريمون ميشال هنود في “اللواء”: 

لقد بلغ منسوب البطالة و التدهور الاجتماعي ومستوى الفقر في طرابلس أكثر من 65% جراء الانهيار الاقتصادي الذي يعصف بلبنان ، لكن مرفأها يبقى قبلة أنظار الدول التي ترى فيه ضرورة ملحة للاستثمار بعد أن أمسى مرفأ بيروت خارج الخدمة نتيجة تفجيره بتاريخ 4 آب 2020.

وتبدو صور التنافس الأمريكي الروسي الفرنسي بارزةً على المدينة ومرفأها ، إذ يبدي الأمريكيون اهتمامهم الشديد بالمدينة وهو ما برز خلال الأشهر القليلة الماضية القريبة من خلال زيارة السفيرة الأمريكية في لبنان دوروسي شيا ، وتجولها بين مرفأ طرابلس ومنطقته الاقتصادية.

وبحسب مصادر ديبلوماسية مطلعة فقد أظهرت شيا اهتماماً كبيراً بالمنطقة الاقتصادية الخاصة بالمدينة و التي تم تشييدها بموجب قانون عام 2008 يمنح من خلاله المستثمرين المحليين والاجانب في منطقة طرابلس مجموعة من الاعفاءات.

وأقيمت هذه المنطقة على البحر المتوسط وتمنح ما يزيد عن 6000 فرصة عمل و تعتبر فرصة للشمال اللبناني وعاصمته طرابلس للنمو و الازدهار.

ووفقاً لبعض المصادر المطلعة على زيارات السفيرة الامريكية لطرابلس خلال المرحلة السابقة فإنه من الواضح وجود توجه جديد حول المدينة ودورها في المرحلة القادمة من قبل الاميريكيين على قاعدة ترسيخ توازنات اقليمية جديدة في لبنان في ظل انحسار الدور العربي في الفيحاء.

ويبدو أن الاهتمام الأمريكي بطرابلس سطع نجمه عقب انفجار بيروت المروع ، إذ أن السفيرة الامريكية خلال زيارتها الأخيرة للمدينة التقت بمجموعة فاعلين ومؤثرين في المشهد السياسي فيها ومن مختلف التيارات السياسية كما أفاد موقع عربي بوست ، و الذي اضاف بأن السفيرة أبدت اهتماماً كبيراً بضرورة الاستثمار الايجابي في طرابلس نظراً لما تمثله الفيحاء من عصب حيوي في المعادلة اللبنانية.

وبعدما أثارت السفيرة ملف جبل النفايات  القابل للانفجار ، زار وفد أمريكي في الوقت عينه غرفة التجارة و الصناعة في المدينة وقد ضم الوفد خبراء من شركتين أمريكيتين تهتمان بالشان البيئي ، حيث تم تقديم شرح وافٍ حول تاريخ الواقع البيئي و الكارثة التي قد ينتجها وما يختزنه من غازات تلوث الاجواء وتهدد السلامة العامة وكيفية الحد من مخاطره.

اما بالنسبة لروسيا، فبعدما أطلقت الحكومة اللبنانية عام 2017 مناقصة بهدف تخزين 422 الف طن من مشتقات النفط في منشآت شمال البلاد وفازت بها شركة روسنفت الروسية ، أعلنت أي الشركة بأنها ستقوم بإعادة تطوير منشآت النفط في طرابلس.

وبحسب تفاصيل العقد فإن الشركة المملوكة بنسبة 51% ستعمد إلى استئجار سعات تخزينية من منشآت النفط في طرابلس بعد أن تتكلل عملية تشييد الخزانات بالنجاح ولمدة 25 عاماً.

ومن ناحية أخرى شهدت الفيحاء منذ انفجار مرفأ بيروت الصيف الفائت زيارات متتالية لسفراء أوروبيين وغربيين أبرزهم فرنسا وكندا وسويسرا و السويد.

اما السؤال الرئيسي الذي يجري النقاش فيه وفق مصادر في المدينة من قبل سفراء الاتحاد الاوروبي ما هو حجم الحضور التركي في المدينة ؟

فالسفيرة الفرنسية آن غريو كانت من ضمن السفراء المهتمين اهتماماً شديداً وقوياً بطرابلس منذ وصولها إلى بيروت منذ أشهر.

وقد زارت بلدية المدينة وغرفة التجارة بالاضافة إلى المرفأ و المنطقة الاقتصادية الخالصة.

وفي مطلع آذار 2021 أعلنت السفيرة غريو عن تقديم مساعدات استثنائية بقيمة 1.1 مليون يورو إلى منظمات تؤمن مساعدة مباشرة لسكان طرابلس وجوارها.

ووفق المعلومات فإن منظمات وجمعيات أهلية قامت من خلال المنحة الفرنسية بتقديم معونات غذائية ل 20 الف عائلة فقيرة ولمدة ستة أشهر.

وفي 11 كانون الثاني المنصرم استحوذت الشركة الفرنسية العالمية GMA – GGM على حصص شركة Gulftainer التي كانت تقوم بتشغيل رصيف الحاويات بمرفأ طرابلس.

وفي شباط 2021 بدأت الشركة عينها تستخدم مرفأ المدينة كمحطة أساسية لها في شرق البحر المتوسط بواسطة خطين بحريين لسفنها.

الخط الاول يمر عبر دول عديدة أبرزها قطر و الامارات وباكستان و الهند مروراً بالسعودية، بينما يمر الخط الثاني بقبرص و اليونان ومالطا ومدينة جنوا الايطالية بعد أن يكون قد انطلق من طرابلس ، وهذا بالاضافة إلى جانب خدمات البضائع المحلية ليرتفع معها المعدل الشهري لسفن الحاويات التي تؤم مرفأ طرابلس من 12 إلى 22 سفينة.

وللتذكير فقط فإن تركيا ليس لها تحرك في الشمال اللبناني عموماً وفي قضية المرفأ خصوصاً كما أفاد مرجع سياسي ، لكن جل مافي الأمر أن منظمات غير حكومية تركية تدعم نظيرتها في لبنان على صعد انسانية و اجتماعية وصحية ، لكن ما يقلق الفرنسيين من تركيا هو زعمهم بأن الأخيرة ستثتثمر في مرافئ لبنانية وخاصة في طرابلس لأنه من المتعارف عليه أن مرفأ الفيحاء تربطه علاقة مميزة مع مرآفئ تركية عدة كمرفأ مرسين ، وهناك حركة استيراد قوية بين طرابلس وتركيا يقوم بها تجار لبنانيون نظراً لسهولة نقل البضائع من تركيا إلى طرابلس، وهذا بدوره يشكل تحدياً واضحا وصارخاً للدول المنافسة مع تركيا اقتصادياً وسياسياً.