مع نهاية الأسبوع الذي وصفه رئيس مجلس النواب نبيه بري أمام نقيب المحررين بأنه مفصلي، ارتفعت نسبة القلق على مصير مبادرته مع احتمال ان تكون قد اصطدمت بحائط مسدود وسميك الى درجة عجز فيها عن تقديم “أرنب جديد” يمكن ان يشكل منفذا من الازمة الحكومية التي استعصت على الجميع رغم الحركة القائمة بين الضاحية الجنوبية وعين التينة من جهة والبياضة من جهة ثانية وبيت الوسط من جهة ثالثة.
على هذه القاعدة، ارتفعت المخاوف في اوساط سياسية وديبلوماسية كشفت لـ”المركزية”، عن تداعيات سلبية نتيجة التوقعات تجاه ما يمكن ان تشهده الايام المقبلة وخصوصا ان معلومات اشارت في الساعات الأخيرة الى اقتراب موعد الحسم في بعض المواقف من عملية التأليف على خلفيتها السلبية لأنها لن تؤدي الى الولادة الحكومية، والخوف كل الخوف مما يمكن ان تقود اليه المواقف المتناقضة في المرحلة المقبلة.
تستند هذه الرواية للأوساط السياسية والديبلوماسية في أساسها الى الغموض الذي أحاط به بري مبادرته. فهو لم يكشف منذ الاعلان عنها عن عناوينها وأهدافها واكتفى في المرحلة التي عبرت عن النية بتقريب وجهات النظر بين البياضة وبيت الوسط بغياب اي اشارة الى دور قصر بعبدا وهو ما سمح برفع سقوف التحدي بين بيت الوسط والبياضة التي اتهمت بلعب دور رئيس الجمهورية بالإنابة عنه ما تسبب بتعقيد الامور الى الدرجة التي وصلتها الاتصالات الاخيرة.
على هذه الخلفيات و معزل عن الصمت الذي احتفظت به مصادر عين التينة تجاه نتائج الحوار الجاري بين الخليلين علي حسن خليل وحسين خليل ووفيق صفا من جهة وباسيل ورفاقه من جهة اخرى، تبين للمراقبين ان كل ما يجري استفز الرئيس المكلف بتشكيل الحكومة سعد الحريري من خلال مجموعة السيناريوهات المتناقضة التي تبين لاحقا ان مصدرها الفريق المفاوض من قبل عين التينة والضاحية الجنوبية بعدما وزعوا الأجواء المتناقضة عبر وسائل الإعلام التي تخوض السباق الى المعلومة المفقودة صدقيتها كل حسب هواه إرضاء لتوجهاتها فوقعت في جريمة التسويق لمعلومات متناقضة ردتها إلى مصدر واحد من دون ان يتحملوا مسؤولية التثبت من صدقيتها فزاد الشرخ بين طرفي الصراع وتوسعت رقعة الخلافات الى الذروة المفضوحة.
وتأسيسا على هذا المعطيات، نقل عن مصادر قريبة من الرئيس سعد الحريري اليوم قولها انه اقترب من ان يخطو خطوته الأخيرة باتجاه الإعتذار عن مهمة التأليف. وهو في هذه الاجواء منذ ساعات قليلة بعدما تبين له ان رئيس الجمهورية ومن معه لا يريدون الحكومة التي يمكن ان تلاقي الجهود الدولية لمساعدة لبنان للخروج من المأزق الذي دخلته البلاد ولربما يريدون حكومة من طرف واحد تمثل فريقا من اللبنانيين يستقوي بالنتائج التي تتحدث عن انتصار محور الممانعة في المنطقة ولا بد من ترجمته في الداخل اللبناني من دون احتساب النتائج السلبية المترتبة على الوضع في البلاد.
ونقل زوار الحريري عنه انه لن يخطو الخطوة الاخيرة قبل التشاور مع الرئيس بري وهو امر بات على قاب قوسين او ادنى. ولذلك فهو ينتظر تطورات الساعات المقبلة للبت بالخطوة التي اعتبرت انها الاهم في القاء المسؤولية على عاتق رئيس الجمهورية ورئيس التيار الوطني الحر من اجل تحميلهما مسؤولية التعثر الحكومي بالشكل الذي يريده المجتمع الدولي والمواصفات التي قالت بها المبادرة الفرنسية مما يعيق السعي الى إخراج البلاد من الأزمة الخانقة التي ينتظرها الجميع.
ونقل عن الحريري اعتقاده الذي بات راسخا نتيجة تصرفات التيار الوطني الحر بمختلف قياداته قوله في لقاء خاص في الساعات الماضية ان الحكم لا يريد الخلاص من الازمة الحالية إما عن عجز او عن تواطؤ وهو يعتقد ان العجز اتهام يسبق الحديث عن التواطؤ لئلا يظلم أحدا في موقع المسؤولية وخصوصا ان كان في موقع من أقسم اليمين على حماية الدستور ومصالح اللبنانيين.
وقالت هذه الاوساط ان رئيس الجمهورية فشل في “تطويع” رئيس حكومة تصريف الاعمال حسان دياب لاسباب مختلفة لا تحصى، وهو الذي يخشى ان يخطو اي خطوة باتجاه المعالجات المطلوبة من اجل تدارك الوضع الخطير الذي دخلته البلاد في ظل التنكر لكل ما قام به تجاه أهل الحكم واوساطه. وبدل ان يعبروا عن الحد الادنى من الجرأة الكافية لإعلان عجزهم يرمون المسؤولية على الرئيس المكلف وكأن مهمته انهت مهمة الحكومة والمسؤوليات الملقاة على عاتق رئيس الجمهورية ورئيس حكومة تصريف الأعمال ووزرائه ورئيس مجلس النواب نبيه بري.
انطلاقا من هذه الأجواء السلبية قالت مصادر بيت الوسط ليل امس ان الحريري سيشارك اليوم السبت في اجتماع المجلس الاسلامي الشرعي الاعلى في دار الفتوى برئاسة المفتي الشيخ عبد اللطيف دريان – بعد خلوة بينهما تسبق الاجتماع – الى جانب باقي رؤساء الحكومات السابقين حيث من المتوقع ان يصدر بيان شديد اللهجة يرفض فيه التطاول على مقام رئاسة الحكومة ومصادرة حق الرئيس المكلف وصلاحياته في تشكيل الحكومة من جهات حزبية تستدرج البلاد الى صراع فئوي ومذهبي لا تحتمل نتائجه السلبية.
ومن المتوقع – ان صحت هذه المعلومات المنسوبة الى مصادر موثوقة ان يطلق بيان المجلس الاسلامي الشرعي الاعلى اليوم حملة سياسية تنتهي باعتذار الحريري عن المهمة المكلف بها بعد زيارة يقوم بها الى عين التينة من اجل ان يلاقي الرئيس بري في خطوة نعي مبادرته المؤجلة منذ ايام وهو الذي يئس من لقاءات البياضة التي لم تنته الى ما اراده او توقعه لتأخذ الخطوتان معا من عين التينة وبيت الوسط مفاعيلها المتوقعة وابعادها الكبرى إيذانا بمرحلة جديدة لا يمكن لأحد التكهن بنتائجها وخصوصا ان قادت الاستشارات النيابية المقبلة الى ما لا يريده الطرف الاخر فتكون البلد عندها قد دخلت نفقا جديدا لا يوجد فيه اي بصيص امل الى مخرج قريب.