Site icon IMLebanon

مخاوف أوروبية من “موجة دلتا”

كتب شوقي الريّس في “الشرق الاوسط”:

حذر المكتب الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية في أوروبا، من العواقب المحتملة لتدابير الانفتاح التدريجي التي بدأتها معظم الدول الأوروبية بالتزامن مع تقدّم حملات التلقيح التي شملت حتى الآن أكثر من نصف سكان بلدان الاتحاد الأوروبي الذين تناولوا جرعة واحدة على الأقلّ من اللقاحات المعتمدة.

وشدّد المكتب على عدم التسرّع في تدابير الانفتاح تحت وطأة الضغوط الاقتصادية والسياسية وإسناد القرارات إلى القرائن والأدلّة العلمية، والاحتراز بوضع خطط للعودة عن هذه التدابير عند ظهور بوادر لخروج الوباء عن السيطرة مجدداً. وأعرب خبراء المركز عن مخاوفهم من احتمال تعرّض القارة الأوروبية لموجة وبائية جديدة في الخريف بسبب طفرة دلتا الفيروسية (الهندية سابقاً). جاء ذلك في تقرير وضعه خبراء المكتب استناداً إلى دراسة عن تطوّر المشهد الوبائي في البلدان الأوروبية خلال الأسابيع الأربعة المنصرمة وتطوراته المحتملة في الأشهر المقبلة.

ويفيد التقرير بأن هذه الطفرة التي أكدت السلطات الصحية البريطانية مؤخراً أنها سبب 91 في المائة من الإصابات الجديدة التي ترتفع بمعدّل 8 آلاف إصابة يومياً، هي أسرع سرياناً بنسبة 53 في المائة من الطفرة البريطانية التي بدورها تزيد سرعة انتشارها عن الطفرة الأصلية بنسبة 50 في المائة.

وكانت بعض الدراسات الأخيرة قد رجّحت أن تكون طفرة دلتا أسرع انتشاراً أيضا بين الأطفال والمراهقين، لكن لا توجد حتى الآن أي قرائن على تسببها في أعراض أكثر خطورة من الطفرات الأخرى. وتفيد آخر البيانات المتوفرة لدى منظمة الصحة العالمية بأن قوة فتك هذه الطفرة لا تتجاوز 1 في المائة، لكن الخبراء يعتبرون هذه النسبة تقديرية في انتظار المزيد من نتائج التسلسل الوراثي التي ما زالت محدودة حتى الآن. واللافت في تقرير المكتب الإقليمي لمنظمة الصحة هي المخاوف التي يتضمنها، علما بأن المألوف لدى خبراء المنظمة هو عدم الإعراب عن أي مخاوف أو تحذيرات إلا بعد توفّر القرائن أو الاستنتاجات النهائية أو شبه النهائية.

من جانبها، أعلنت الحكومة البريطانية أنها ستؤجل الخطة الأولى من رفع قيود الإغلاق في إنجلترا لمدة 4 أسابيع، من تاريخ 21 حزيران الحالي، وهو الموعد الذي كان مقرراً للخطوة الأخيرة من رفع جميع القيود. لكن انتشار سلالة «دلتا» في البلاد غير حسابات المسؤولين الصحيين. ومن البيانات التي يستند إليها الخبراء في مخاوفهم أن 12 شخصاً لاقوا حتفهم مـؤخراً في بريطانيا نتيجة إصابتهم بطفرة دلتا، بعد تناولهم الجرعات الكاملة من اللقاح، ما يبيّن قدرة هذه الطفرة على مقاومة اللقاحات المتداولة. وكانت السلطات الصحية الإيطالية قد أفادت نهاية الأسبوع الماضي بحالة وفاة لشخص أصيب بهذه الطفرة في أحد النوادي الرياضية بعد أن كان تلقّى جرعتين من اللقاح.

يذكر أن دراسة أجريت مؤخراً في أحد المختبرات البريطانية بيّنت أن فاعلية مضادات الأجسام عند الذين تلقّوا اللقاح بمواجهة هذه الطفرة هي أدنى 6 مرّات تقريباً بالمقارنة مع الطفرة البريطانية. وتفيد معظم الدراسات التي أجريت حتى الآن بأن الجرعة الأولى من لقاح فايزر لا توفّر مناعة كافية ضد هذه الطفرة، ولا بد من الجرعة الثانية للوصول إلى مناعة بنسبة 70 في المائة، التي هي أدنى من نسبة 95 في المائة التي أظهرتها التجارب السريرية قبل ظهور الطفرات الفيروسية. ويقول خبراء إن عودة الوباء إلى الانتشار في بلد مثل بريطانيا تلقّى 62 في المائة من سكانه الجرعة الأولى من اللقاح، تثير شكوكاً جدّية في صحة قرار السلطات البريطانية تأخير تناول الجرعة الثانية حيث إن ثلث الذين تناولوا الجرعة الأولى ما زالوا بعد في انتظار تناول الجرعة الثانية.

لكن يرى خبراء إيطاليون من مستشفى ميلانو الجامعي أن الوضع البريطاني يحتاج لمزيد من الدراسة والتحليل المعمّق، لأن الوفيّات التي حصلت لمصابين بطفرة دلتا بعد تناول الجرعتين من اللقاح قد تكون بسبب خلل سابق في جهاز المناعة عند أولئك الأشخاص، أو إصابتهم بمرض السرطان أو غسل الكلى أو تناولهم أدوية تضعف المناعة الطبيعية. ويفيد المركز الأوروبي لمكافحة الأمراض السارية بأن هذه الفئة تمثّل حوالي 1.7 من مجموع السكان.

وتأمل سلطات المملكة المتحدة في إتاحة الجرعة الأولى من لقاحات فيروس «كورونا» لجميع البالغين بحلول نهاية الشهر الجاري، وهو ما يسبق هدف وزير الصحة مات هانكوك بمدة شهر. وذكرت وكالة «بلومبرغ» للأنباء أمس الاثنين أنه بعد إتاحة برنامج التطعيم لمن تزيد أعمارهم على 25 عاما الأسبوع الماضي، أصبح الأشخاص الذين تزيد أعمارهم على 18 عاما في طريقهم للتمكن من الحصول على اللقاح بحلول 30 حزيران، وفقا لمصدر مطلع على الخطة. ويبقى الهدف الرسمي هو إعطاء الجرعة الأولى لجميع البالغين.