كتبت ماجدة عازار في “نداء الوطن”:
بعدما استصرخ “صديقه “الجنرال” ميشال عون بأن يلبس بزّته العسكرية وناشده في رسالة وجهها اليه منذ اسابيع، فضح “القريبين والبعيدين”، وبعدما اتهم “حزب الله” بالتغطية على الفساد “بكل فروعه”، شاء النائب السابق نبيل نقولا ان يتوجّه هذه المرة الى الامين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله، برسالة عاب عليه فيها وقوفه متفرّجاً على نهب الدولة، مؤكدا لـ”نداء الوطن” انه شاء ان يخاطب عون ونصرالله كونهما غير فاسدين، انما لا رسالة اخرى له بحكم “ان الآخرين يدورون في فلك الفساد وهم اربابه”.
نقولا الذي اكد ان الرئيس عون لم يعاتبه على رسالته، او انزعج منها، بدا انه غير مبال بردّة فعل نصرالله ازاء خطوته، وقد تجلّى ذلك في قوله: “من يجلب لي كيساً من الطحين فليأخذه، وليكن معلوماً لدى الجميع، صحيح انني لم اعد نائباً لكنني لا ازال مواطناً لبنانياً في النهاية، لم اترك حياتي وعملي في باريس واعود الى وطني لكي اشهد على الفساد السائد، وكمواطن، آخر همّي ما سيُقال عني، هناك شعب يتعذّب اليوم وانا أشهد على معاناته اليومية، واذلاله امام محطات الوقود وفي السوبرماركات بحثاً عن علبة حليب، فأينما ذهبت تُذلّ، وعندما وجدت ان مجلس النواب لا يقوم بعمله وكذلك الحكومة والنائب العام المالي المسؤول عن هدر اموال الدولة، والنائب العام التمييزي المسؤول عن دفاعه عن المواطنين في وجه السارقين، ناشدت فخامة الرئيس بقلب الطاولة عليهم، واليوم اقول للسيد نصرالله، صاحب مقولة “الفاسد كالعميل”: “فرجيني اليوم كيف بيكون التعامل مع العميل”، العميل ليس فقط من يُتّهم بالتعامل مع اسرائيل، فأذى العميل الفاسد اقوى بكثير”.
وعن مدى امكانية تجاوب عون ونصرالله مع مطالبه يقول نقولا: “في النهاية، اذا كان ميشال عون لن يفعل شيئاً فمعناه ان لا احد سيفعل، اما بالنسبة الى نصرالله الذي يعتبر نفسه مقاومة، فاقول ان لا شيء يحمي المقاومة الا النظافة والحقيقة، اما الفساد فيقضي عليها، وانبّهه هنا طالما هو ليس فاسداً، وطالما لم يتحرك ضدّ الفساد خصوصاً تجاه شركائه في الوطن، وظل يتشبّث بالرئيسين سعد الحريري ونبيه بري المعروفين بالفساد، فهذا معناه انه يحمي الفاسدين”.
واكد نقولا انه غير خائف مما يقول، سائلاً: “ممّ اخاف؟ أَمِنَ الموت؟ فانا لا ارغب بأن اموت على فراشي واكرر انني لم اترك البحبوحة والنعيم في فرنسا لكي اشهد في لبنان على ما اشهده من دون ان افعل شيئاً”. ويؤكد نقولا ان لا رابط ابداً بين تحرّكه والاستحقاق الانتخابي “فأنا عملت نائباً 13 سنة واللقب حظيت به وبالتالي كل شيء له نهاية، وانا لا اعمل لاي منصب نيابي او سياسي، بل لطالما سعيت ولا ازال لرفع معاناة الناس”.
وطن ودولة
اما تفاهم مار مخايل فيؤكد نقولا انه “وُضع من اجل بناء وطن ودولة، وحتى الآن لم يتبين انه يعمل في هذا الاتجاه، وهو لم يوضع ليبقى محصوراً بين عون ونصرالله، بل ليتوسع ويشمل الجميع، فاذا كان هذا التفاهم لن يوصلنا الى بناء الوطن والدولة “فبلاه”، ليكن كل في موقعه، لا مشكلة، وليس ضرورياً ان نحمل السلاح على بعضنا البعض”، فعون ليس بحاجة لابرام تفاهمات سياسية بل يحتاج الى بناء وطن ودولة.
نص الرسالة
وقال نقولا في رسالته الى نصرالله: “بعد تفاقم الوضع المعيشي، وحياة الذل التي يعيشها المواطن، وبعدما أصبح من غير الممكن تحمّل هذا الوضع بسبب عمليات التهريب للمواد الأساسية إلى خارج الحدود، والتي بدأت أصابع الإتهام توجه إلى جماعات مدعومة منكم. أتوجّه إليكم بكل صدق بهذه الرسالة علها تصل إليكم، وتعطى كل تفهم من قبلكم… لقد تكلمتم على الفاسدين، واعتبرتموهم كالعملاء، وأنتم على حق لأن العميل هو من يتآمر على وطنه أمنياً واقتصادياً. ما يحدث اليوم أنتم متهمون، وكأنكم اخترتم حليفاً طائفياً “خوفاً غير مبرر على طائفتكم الشيعية”، وفضّلتموه على شريك لبناني يجمع من حوله أبناء من كل المذاهب، والمناطق.
وكأنكم اليوم تقفون متفرجين على نهب الدولة، “طبعاً بدون مشاركتكم”، وسرقة المالية العامة، وتوظيف آلاف اللصوص في وزارات يجهلون مقرها. كنتم تراقبون تهريب مئات الملايين من الدولارات إلى الخارج من قبل حلفاء، وخصوم، ولم تحرّكوا ساكناً، وكنتم قادرين على دعم معركة أكثرية الشعب اللبناني ضد الفساد، ولم تفعلوا… بل كان نائب من كتلة حزبكم يخرج من فترة إلى أخرى يلوح بملفات فساد، وكنا نعرف أنها لا تسمن ولا تغني عن جوع، وكأنها من ضمن مسلسل تضييع المعركة ضد الفساد، وتمييعها.
لم نسمع منكم أي كلام جدي حول التدقيق الجنائي الذي يطالب معاقبة كل من امتدت يده إلى المال العام حتى لو كان أقرب الأقربين، أو من العائلة. طارت أموال المودعين، ومنهم الآلاف من شيعة الاغتراب الذين مثل سواهم من المغتربين عانوا الذل، والإهانة، والقتل، وحرق محلاتهم في دول أفريقيا من أجل تحسين أوضاعهم، وكانوا يرسلون هذه الأموال إلى المصارف اللبنانية من أجل دعم الاقتصاد، وها هم اليوم يبكون جنى العمر، وقهر الغربة”.
واضاف نقولا: “ماذا تتوقعون من جبهة داخلية تركض في فجر كل يوم بحثاً عن زيت، ودجاج، وخبز، ولحم، وحبوب، وأدوية، حليب للأطفال، بنزين، ومازوت مدعوم من دولة اللصوص… عذراً إن بعض الكلام قد يكون قاسياً. لبنان لا يقوم إلا على الحقيقة لأنه بلد الحقيقة. الحقيقة، والمصارحة بيننا كلبنانيين تخرجنا من هذا النفق المظلم. لا يمكن بعد اليوم أن نبقى على هذا الوضع بحجة القوي في طائفته، وخصوصاً السكوت عن من سرق، وأهدر جنى عمر كل اللبنانيين، ومنع التدقيق الجنائي، وإعادة ما يمكن إعادته من الأموال المسروقة.
سماحة السيد صديقك هو من يقول الصدق بدون خبث ورياء. أرجو منك تفهم وجع الشعب، كل الشعب اللبناني، والبداية تبدأ بأنفسنا حتى نستطيع مساعدة الآخرين”.