كتب ألان سركيس في “نداء الوطن”:
يتأرجح الوضع اللبناني بين الحلّ البعيد المنال وبارقة أمل تضيق بقرب تأليف الحكومة، في حين أن الإنفجار الكبير يقترب بسرعة قياسية ولا يتحرّك أحد لإيقافه.
تشخص عيون العالم إلى القمّة المرتقبة بين الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والأميركي جو بايدن اليوم، وهذا هو اللقاء الأول من نوعه على هذا المستوى منذ انتخاب بايدن رئيساً للولايات المتحدة الأميركية، ما يجعل الملفات مكدّسة على طاولة إجتماع الرجلين.
وكان شهر حزيران مزدحماً بمواعيد عدد من السياسيين اللبنانيين في موسكو، حيث تمّ تأجيل زيارة رئيس “اللقاء الديموقراطي” وليد جنبلاط، في حين وصل المدير العام للأمن العام اللواء عبّاس إبراهيم إلى موسكو وسيعقد سلسلة لقاءات سياسية وأمنية وإستخباراتية.
ومن قبيل “المزاح”، يتردّد في العاصمة الروسية أن حكّام لبنان لم يحوّلوا فقط بلدهم إلى أرض محروقة ووضعوا شعبهم تحت خطّ الفقر وأنتجت سياساتهم أزمات لا تنتهي، من دواء إلى بنزين وخبز وإرتفاع سعر صرف الدولار، بل إن “اللعنة” أصابت المسؤولين الروس الذين التقوهم، حيث زار موسكو سابقاً وفد من “حزب الله” والرئيس المكلّف سعد الحريري ورئيس “التيار الوطني الحرّ” جبران باسيل. وفي حين كانت موسكو مشغولة منذ أكثر من 10 أيام بالتحضير للقاء بوتين – بايدن، وكانت الإستعدادات تتمّ لزيارة جنبلاط ولقائه مع وزير الخارجية سيرغي لافروف، تأجّلت رحلة زعيم المختارة الروسية بعد الوعكة الصحية التي ألّمت بلافروف، ما دفع الأخير إلى إلغاء كل مواعيده، وتابع نشاطه والتحضير للقمة الأميركية – الروسية بعقد إجتماعات عبر تطبيق الفيديو. ولم تقتصر الإصابات على لافروف، بل طالت الدبلوماسي الأكثر إحتكاكاً بالواقع اللبناني وهو نائب وزير الخارجية الروسي ومبعوث بوتين إلى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ميخائيل بوغدانوف، الذي تعرّض هو الآخر لوعكة صحية ودخل إلى المستشفى وأجرى فحوصاً طبية، وبالتالي تراجع الإهتمام بالواقع اللبناني.
وعلى رغم طغيان فعاليات القمّة العالمية المرتقبة، إلا أن المسؤولين الروس يراقبون بحذر شديد الخطوات التي قد يُقدم عليها الحريري في الأيام المقبلة، والتي قد تخلق أزمة سياسية جديدة في البلاد، وهم ما زالوا على موقفهم الداعم للحريري على رغم بعض الغضب عليه، ويريدون حكومة إختصاصيين بلا ثلث معطّل لأحد.
وفي السياق، تسري أخبار عن نجاح الفاتيكان في وضع ملف لبنان على جدول أعمال لقاء بايدن – بوتين، إلا أن الأجواء من موسكو تُشير إلى أن لبنان ليس أولوية، وبحث هذا الملف سيتم من ضمن ملف الأزمة السورية، لأن المشكلة اللبنانية ليست إقليمية، بل إنها في الجزء الأكبر مرتبطة بسلوك السياسيين اللبنانيين، وبالتالي فإن الرهان هو على إيجاد حلول للأزمات الكبرى، ما ينعكس إيجاباً على لبنان، وقد يُشكّل مدخلاً لحلّ أزمة النازحين التي تُرهق الجسم اللبناني المترنّح. وأمام كل ما يحصل في المنطقة والعالم من تطورات، فإن الدول الكبرى تنظر بخفّة و”احتقار” إلى ما يفعله سياسيو لبنان الذين يُعطّلون تأليف الحكومة، لذلك فإن الحلول الحكومية لن تأتي من اللقاء بين بايدن وبوتين، بل إن الخارج مستعد لدعم لبنان في حال باشر الحكّام بتنفيذ الإصلاحات المطلوبة منهم.