IMLebanon

“شرشحة” رئاسية: “الأكثرية” تنهش بعضها

جاء في نداء الوطن:

“هيدا لبنان 8 آذار وهيدا جوه”… من صور وفيديوات الذل التي يعاينها العالم بعين الشفقة على ما بلغه اللبنانيون من استقتال على عبوات الحليب والزيت والدواء والبنزين، إلى تردي مستوى الأداء الرئاسي والمؤسساتي تحت سطوة الأكثرية الحاكمة إلى أرذل العهود والحقبات على مرّ تاريخ لبنان القديم والحديث، بعدما هتكت المال العام والخاص واغتصبت حقوق الناس، فجعلت أعزاءهم أذلّاء ونزعت عن شعب، بأمه وأبيه، غطاء الستر والعزّة والكرامة.

أما وقد انتهت أكثرية 8 آذار من نهش مقدرات اللبنانيين ونهب جنى أعمارهم، وعلى قاعدة “القلة تولّد النقار”، انتقلت هذه الأكثرية إلى نهش بعضها البعض ونبش أحقادها السلطوية الدفينة من درج “التفليسة”، حتى بلغ نهج أهل الحكم الدرك الأسفل على مقياس سدة المسؤولية بعدما طغت أجواء “شرشحة” رئاسية بين حليفي “حزب الله” وتوأمَيْ حكمه في بعبدا وعين التينة، على وقع تقاذف بيانات القدح والذمّ بين الرئاستين الأولى والثانية، في صورة سوريالية ظهّرت للعيان انعكاسات التشقق والشقاق في مرآة الأكثرية الحاكمة.

فبعد مراكمة طويلة للطاقة السلبية بين الجانبين، فجّرت شرارة التأليف شحنة “الكيمياء المفقودة” بين رئيسي الجمهورية ميشال عون والمجلس النيابي نبيه بري، فانبرى كل منهما للآخر تشهيراً بسوءاته الدستورية، واستعرت على الأثر نيران الردود والردود المضادة بين الجبهتين على أرض المعركة الحكومية، بعدما كان عون قد بادر إلى إشعال فتيل “حرب الصلاحيات” مع بري باعتباره تجاوز حدوده الدستورية في “التدخّل” بملف التأليف، ليعيد الثاني “تحجيم” الأول من خلال التشديد على كونه “فاقد الإرادة” في قرار التكليف المنبثق حصراً من إرادة مجلس النواب، مع التأكيد على عدم أحقيته دستورياً “بوزير واحد”.

وما إن كشف بري المستور من مفاوضات التشكيل والمحاصصة حيث “القاضي راضي طالما ارتفع عدد الوزراء إلى 24″، في إشارة إلى عون الذي طالب بتوسيع تشكيلة الـ 18 وزيراً ثم عاد فأصرّ على “8 وزراء + 2” في تشكيلة الـ 24 وزيراً، حتى سارعت رئاسة الجمهورية إلى الرد باتهام بري بالسعي إلى “تهميش دور رئيس الجمهورية والحد من صلاحياته وتعطيل دوره واقصائه”، من خلال القول بعدم أحقيته بالتمثيل الوزاري.

ولم يتأخر بري في نزع الصدقية والمصداقية عن الحجة العونية، مذكراً رئيس الجمهورية بأنه “هو صاحب القول بعدم أحقية رئيس الجمهورية بأية حقيبة وزارية او وزارة” إبان عهد الرئيس ميشال سليمان، الأمر الذي ردّ عليه عون باعتبار ذلك ناجماً عن عدم امتلاك سليمان “أي تمثيل نيابي ولم يكن يحظى بدعم أكبر كتلة نيابية في مجلس النواب كما هي حال الرئيس عون حالياً”. فعاد بري إلى الرد على الرد بسؤال: “طالما الأمر كذلك لماذا أعلن “التكتل” (لبنان القوي) أنه لن يشارك (في الحكومة) ولن يعطي الثقة”؟ لها… وفي الوقت نفسه يريد حصة الثلث المعطل فيها!

وعلى إيقاع التفليسة المالية والسياسية والرئاسية في معالجة الأزمات المعيشية، يتحرك الشارع المطلبي اليوم تنديداً بعقم المنظومة الحاكمة وإمعانها في ذلّ اللبنانيين وإفقارهم، غير أنّ أركان المنظومة أنفسهم سارعوا إلى ركب موجة الحراك المعترض فتقدمت السلطة صفوف الدعوة إلى التظاهر ضدها مع الاتحادات والنقابات المنكوبة، لتكون النتيجة أن “ألبس الجلاد نفسه لبوس الضحية وانتحل الظالم هوية المظلوم” حسبما علّقت مصادر المجتمع المدني على المشهد المرتقب اليوم، مذكّرةً بأنّ “الجهات السياسية والحزبية التي تصدّرت واجهة الدعوات للتظاهر في 17 حزيران تحت شعار أوجاع الناس، هي نفسها التي كانت قد داست على هذه الأوجاع عندما تصدّت لثورة 17 تشرين وفقأت عيون شبابها بالرصاص الحيّ”.